48

(36) ذلك لان قريشا كانوا يستهزئون به ، ويسخرون منه قبل أن يكلف بدعوتهم بصورة عامة ، وعندما كان يتحرك في الدائرة الخاصة ، أي في حدود من يرى دعوتهم؛ فقد كانوا يرمونه بعبارات الاستهزاء والسخرية إذا ما مر بهم :

« إن فتى ابن عبد المطلب ليكلم من السماء » .

إلا أن الموقف الخطير ، وطبيعة ذلك الصراع ، لا يمكن أن تحسمه كلمة مستهزئ أو ضغط نفسي أو إشاعة مزيفة ، أو تطويق دعائي إنها القضية الكبرى في تاريخ الانسان ، أنها الهدى ورسالة التغيير وأمل المستضعفين في الارض .

فبدأت مرحلة جديدة من المواجهة، واستخدمت قريش اسلوبا آخر من أساليب الحرب النفسية ، للضغط على النبي (ص) ودعوته ، فقد توجهت إلى عمه أبي طالب سيد قريش وزعيم مكة تطالبه بالتدخل لدى محمد (ص) وأن يطلب منه الكف عن دعوته فقالوا له :

« إن ابن أخيك قد عاب آلهتنا ، وسفه أحلامنا ، وضلل أسلافنا ، فليمسك عن ذلك ، وليحكم في أموالنا بما يشاء ، فقال : (إن الله لم يبعثني لجمع الدنيا والرغبة فيها ، وإنما بعثني لابلغ عنه ، وأدل عليه) ، وآذوه أشد الايذاء » (1).

إن قريشا في موقفها هذا لم تستعمل الضغط النفسي والاجتماعي وحسب ، بل حاولت أن تتخذ اسلوب الاغراء المادي أيضا منطلقة من تفكيرها ومنهجها في الحياة ، فيجابهها محمد (ص) بالرد العقيدي القويم ، ويوضح لهم دعوته ورسالته بكلماته النيرة :

« إن الله لم يبعثني لجمع الدنيا ، والرغبة فيها ، وإنما بعثني لابلغ عنه ، وأدل عليه » .

পৃষ্ঠা ৪৮