أن رسول الله (ص) أقام بمكة ثلاث سنين يكتم أمره وهو يدعو إلى توحيد الله عز وجل وعبادته والاقرار بنبوته ، فكان إذا مر بملأ من قريش قالوا : إن فتى ابن عبد المطلب ليكلم من السماء ، حتى عاب عليهم آلهتهم ، وذكر هلاك آبائهم الذين ماتوا كفارا ، ثم أمره الله عز وجل أن يصدع بما أرسله ، فأظهر أمره وأقام بالابطح فقال : « (إني رسول الله أدعوكم إلى عبادة الله وحده ، وترك عبادة الاصنام التي لا تنفع ولا تضر ، ولا تخلق ولا ترزق ، ولا تحيي ولا تميت) ، فاستهزأت منه قريش وآذته » (1).
فكانت المفاجأة التأريخية الكبرى ، والعمل الاعلامي المذهل ، الذي ملأ نوادي قريش وأحاديث العرب واجتماعاتها ، فلفت الانظار إلى تلك الدعوة ، واستقطب الاهتمام والرأي العام باتجاه هذه الانطلاقة التوحيدية الرائدة .
إن دراسة تأريخ الدعوة إلى الاسلام والاساليب التي اتبعها الرسول الحكيم (ص) ترسم أمامنا النهج والاسلوب العملي للدعاة في كل زمان ومكان، وتكشف
(35)
لنا أن السرية تكون واجبة إذا كانت هناك ضرورات تدعو إليها ، وأن هناك أخطارا تحيط بالاسلام والمسلمين، فعندئذ يحرم على العاملين الاسلاميين أن يكشفوا عملهم ونشاطهم لاعداء الاسلام الذين يتربصون بهم الدوائر ، ويسعون للقضاء عليهم ، أو يكشفوه لمن لا يأمنونه عليه .
পৃষ্ঠা ৪৬