وهذه الاهمية هي التي دعت المسلمين بمختلف مذاهبهم إلى الاهتمام بحفظ السنة والسيرة النبوية ، وتدوينهما فيما بعد ، فاسس علم الرجال ، والفت كتب التراجم والطبقات لمعرفة أحوال الرواة ورجال الحديث والسير وضبط أسانيدها، لتمييز الصادق من الكاذب ، ومعرفة عقيدته وضبطه للرواية ، وطبقته في الرواة ، للوثوق بما يرويه .
كما اسس علم الدراية (علم الحديث والرواية) ليتعهد هذا العلم بدراسة متن الحديث ونصوص الروايات ونقدها ، وتأسيس القواعد والاسس لتقويمها ومعرفتها . كما وضع علماء اصول الفقه القواعد الاصولية لفهم السيرة العملية وحل التعارض بين الروايات والاخبار ، وتقديم بعضها على بعض .
إلا أن هذه الدراسات نفسها على الرغم مما قدمته من خدمة جليلة للسنة والسيرة والتاريخ،لم تستطع أن تتجاوز مشاكل الباحث الذاتية،وميوله الشخصية،وقدراته العلمية القاصرة أحيانا إضافة إلى مشاكل البحث المنهجي وتعدد النظريات والآراء الرجالية والروائية التي بني عليها علم الرجال والدراية واصول الفقه.وبذا تكرس جانب كبير مما كان ينبغي تصحيحه،ومما هو مشكوك فيه،أو موضوع ومدسوس في السنة،أو من محاولات طمس بعض أجزائها ومعالمها .
(3)
وقد واجهت السنة والسيرة النبوية عملية الوضع والكذب على رسول الله (ص) حتى في زمانه ، مما دعاه إلى أن يخطب الناس وينادي :
« أيها الناس ! قد كثرت علي الكذابة ، فمن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار »(1).
كما عرضت السنة إلى التحريف بتعمد إهمال بعض النصوص أو الحوادث والشخصيات وطمسها ، وعدم ذكرها ، وحذف عبارات من أقوال الرسول (ص) .
وعليه فالتحريف الذي ادخل على السيرة والسنة النبوية تركز في :
পৃষ্ঠা ৩