وهكذا تتجسد أمامنا الحياة الجاهلية بكل أبعادها ومرارتها وانحطاطها الاخلاقي والاقتصادي والعقائدي والسياسي والامني والاجتماعي ... الخ .
وعندما نعرف هذه الحقيقة نستطيع أن نفهم الاسلام ، وعظمة نبي الاسلام الهادي محمد (ص) الذي استطاع بمشيئة الله ولطفه أن ينقذ البشرية ، ويضعها على طريق المدنية والاستقامة السلوكية؛ مبتدئا بمن حوله من العرب ، وممتدا برسالته العالمية التي حملتها من بعده امته ، وبشر بها الدعاة إلى الله سبحانه في كل مكان ، وهي اليوم قوة حضارية ، ورسالة الانسان المتحضر والعقل العلمي المتحرر من سيطرة المادية والشهوانية المنحرفة ، وملجأ الانسان ومشروعه الحضاري المؤمل .
وصدق الله الذي وصف رسالة نبيه بقوله :
(قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين * يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم ).(المائدة 15 ، 16)
(ويضع عنهم إصرهم والاغلال التي كانت عليهم ) .(الاعراف / 157)
(استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم ) .(الانفال / 24)
(11)
ميلاد البشير محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)
عندما حان وقت الميلاد أرهصت الدنيا بعلامات الهادي الحبيب ، فالارض ملئت ظلما وجورا، والجاهلية قد استطال ظلامها فغشيت العيون والقلوب، وغدت الارض مرتعا للظلم والفساد، والاديان وكتب الله قد حرفت وشوهت معالمها، وكان لا بد أن يشرق اللطف الالهي في ربوع الارض، وتتجدد رسالة الله سبحانه للانسان ، فيخاطبه بالكلمة الحق ، ويبلغه بدعوة الهدى ، وشاء الله أن يولد النور في رحاب مكة ، ويشع الوحي في سمائها المقدس ، ويتعالى صوت التوحيد في الحرم الآمن ، حرم إبراهيم وإسماعيل (ع) .
পৃষ্ঠা ১৩