ثم إن الأمير مانع بن سنان كاتب سيف بن حمد الهناوي بالكمان، فنكثا العهد ونقضا الأيمان، وجيش الجيوش يتزعمهم ملك عمان ودخلوا نزوى وما خلوا أهلها من الخديعة والعصيان، بل كان ذلك بينهما سرا بالكتمان، وظاهروهم بعض القبايل منهما كما صح عندنا وبان، فدخلوا نزوى واحتوى على العقر منها وحازوها جميعا بحصول الدولة، وما بقي للإمام إلا الحصن وما حوله، دورت رحى الحرب ما بينهم أشد مدار وكادوا لكثرتهم أن يهدموا عليهم الجدار، ثم وافت فورا نصرة مولانا الإمام، من أزكي وبهلا ومعهم بني ريام، وقد كان محمد بن صلت للإمام ناصحا، ولأعدائه في الشدايد مكافحا، وهو للصواب والحق جانحا، فدخلوا على الإمام فاستبشروا لقدومهم غاية البشرى، وحبى بهم من الله تعالى عزا ونصرا، فتفرقت بعون الله جيوش أعاديه، واهتز بالسرور والحبور شريف ناديه وقتل من قتل من ندوة الأضداد، وتفرقوا عنه هاربين في سائر البلاد، فحينئذ اشتد عز الإمام، وقوي سلطانه فاستشار الإمام أولي الرأي السديد الكامل فاستحسن الإمام ذلك الرأي الرشيد واستبد به إذ هو الرأي الحميد، فعلم الأمير مانع بن سنان بتجهيز جيش الإمام عليه، وخشي هنالك من بأسه إذا أقدم عليه، فانهزم حينئذ مانع بن سنان من حصنه إلى فنجا، وظنها أنها ستكون له عن الإمام ملجأ، فوجه الإمام الجيوش لهدم حصن مانع في الخبر الأوكد، فمنذ تحقق قدوم الجيش إليه نزل من الحصن متوجها لمسكد، ثم توجه منها خارجا لبلد محمد بن جفير وهي لوى، وتابعه في صحيح الفتوى، وذلك أنه كان ليقضي الله أمرا وقال المصنف في ذلك شعرا:
=""
بمولانا الإمام نطول فخرا =ونعلو رتبة دنيا وأخرا
لقد من الإله علينا =فحمدا للإله معا وشكرا
فيا رحمن ذرة في نعيم =معا وأمدده فوق العمر عمرا
فطوبى لامرئ خمسا يصلي =على طول البقاء ويصوم شهرا
وجاهد في سبيل الله حقا =واخلص طائعا سرا وجهرا
পৃষ্ঠা ১৯