وبلغنا أنه وعظ مرة أبا الحسين بن أبي الفضل بن الداعي إلى الحق، فقال له: أيها السيد ومن يقدر أن يفعل ماتقول. فأخذ بأصبعه وجلدة ساعده، وقال: من يعلم أن هذا لايقوى على النار يقدر عليه وعلى أزيد منه.
ويحكى أنه رضي الله عنه اشتهى يوما من الأيام لحم حوت فبعث الوكيل إلى السماكين فلم يجد فيها إلا حوتا لم يقطع، وقالوا له: لانريد أن نقطعه اليوم. فعاد إليه وأخبره بامتناعهم من قطعه فوجه به ثانيا، وقال: مرهم عني بقطعه. فلما عاد إليه حمد الله على أن رعيته لاتحذر خبيته، وأنه عندهم ورعاياه سواء.
وحكى أبو الحسين الأسكوني عنه أنه قال: ماهممت بقتل إنسان قط إلا مرة واحدة، وذلك أنه أتاني رجل وأظهر التوبة، ورغب في خدمتي، وأقام عندي اياما، ثم أتاني ابني أبو القاسم وبندار وقالا: إنه إنما جاء ليقتلك. فدعوته، وسألته عن ذلك فأنكر فأخرجته من عندي، فتبعه ولدي أبو القاسم وأخذه وضربه، فأقر به ورده إلى عندي فباحثته فأقر بأن بعض الاستندارية بعثني لأقتلك وضمن لي مائة دينار، وقدم لي ثلثين، وكنت لاأريد الإقدام على القتل لكني توقعت منهم بعض ماوعدوني. فهممت أن أقتله، ثم راجعت نفسي وكظمت غيظي، وأمرت به إلى السجن، فلما كان أيام العيد أمرت بعرض المحبوسين(1)، فوجدتهم محبوسين بحقوق الناس غير هذا فإنه كان محبوسا بحقي، فخليت سبيله، وأمرت بإطلاقه، ورأيت عليه سروالا خلقا فألبسته سروالا جديدا، ومات بعد خمسين يوما، فحمدت الله حيث لم أقدم على قتله.
وروي أنه دخل المتوضأ لتجديد(2) الطهارة، فرأى فيه رجلا متغير اللون يرتعد فزعا، فقال له: مادهاك؟ فقال: إني بعثت لقتلك. قال: وما الذي وعدوك عليه؟ قال: بقرة. قال: مالنا بقرة، وأدخل يده في جيبه، وناوله خمسة دنانير، وقال: اشتر بها بقرة، ولاتعد إلى مثل ذلك.
পৃষ্ঠা ৪