سيرة الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه وفتحه السبعة حصون ومحاربته الهضام بن الحجاف بن عون بن غانم الباهلي برواية المؤرخ القصصي الشهير أبي الحسن أحمد بن عبد الله بن محمد البكري طبع على نفقة التيجاني المحمدي صاحب مطبعة ومكتبة المنار مطبعة المنار - تونس
পৃষ্ঠা ১
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي تفرد بقائه ونور بمعرفته قلوب أوليائه وطيب أسرار الصادقين يطيب ثنائه الحي القيوم الذي لا يعزب عنه مثقال ذرة في ارضه وسمائه أحمده سبحانه وتعالى حمدا تعرف بالعجز عن عدد آلائه واشهد ان لا إله إلا الله وحده لا شريك له الذي تفرد بعزه وبقائه واشهد ان سيدنا ونبينا ومحمدا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله خاتم أنبيائه وسيد أصفيائه اللهم صلي وبارك على هذا النبي الكريم والرسول السيد السند العظيم سيدنا ومولانا محمد وعلى أصحابه صلاة وسلاما دائمين متلازمين بدوام ارضه وسمائه تسليما كثيرا (وبعد) فقد روى أبو الحسن أحمد بن عبد الله محمد البكري رضي الله عنه قال حدثنا يوسف بن عبد الله وخالد بن رفاعة الجهني قالا حدثنا خلق كثير يروي بعضهم عن بعض فأخذنا من ذلك ما نرجوه إن شاء الله تعالى تعليقة على قدر الروايات قالوا حدثنا صاحب الحديث عن علي بن أبي طالب كرم الله وجده ورضي عنه قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسجده المبارك وكان ريح ومطر إذ سمعنا صوتا جهوريا من وراء المسجد يقول السلام عليك يا محمد ورحمة الله وبركاته فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليك السلام ورحمة الله وبركاته فالتفت لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال ردوا على إخوانكم السلام رحمكم الله فقلنا يا رسول الله على من نرد ونحن لم نر أحدا نرد على الملائكة أم على الجان فقال بل على إخوانكم الجان الذين آمنوا وصدقوا برسالتي ثم نادى رسول الله صلى الله عليه وسلم أظهر لنا أيها المتكلم لنراك فظهر لنا شيخ قال علي رضي الله عنه وإذا به عرفطة بن شماخ وكنت به عارفا لان النبي صلى الله عليه وسلم قد أرسلني معه إلى قومه فأحرقت بأسماء الله تعالى وبنوره منهم زيادة عن خمسين قبيلة من الجن وآمن منهم خلق كثير فسلم عرفطة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وجلس النبي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما حاجتك قال يا رسول الله قد جئتك لأخبرك عما نحن فيه الحرب والوقائع وقتال القبائل الجواهل فقال النبي صلى الله عليه وسلم مع من يا عرفطة فقال مع كفار الجن ومردتهم وكذلك مع عفاريتهم عبدة الأوثان فقال
পৃষ্ঠা ২
رسول الله صلى الله عليه وسلم ديارهم قريبة منا أم بعيدة يا عرفطة فقال يا سيدي في جبال وأوكار وأودية شتى قد أهلكنا منهم خلقا كثيرا وأهلكوا منا خلقا كثيرا وان لهم صنعا يسمونه المنيع وقد تعالى الله عز وجل عن أن يمثل وهو السميع البصير فصنمهم هذا قائم بخدمة الملك الهضام بن الجحاف بن عوف بن غانم الباهلي الملقب بمرآة الموت لعنه الله والصنم المنيع موكل به مارد يقال له عنريس بن دريس بن إبليس وله عشيرة عظيمة وقبيلة جسيمة ونحن في غزوهم وجهادهم وقد اشتدت بلية القوم وتعاظم امر الهضام وكفر بالله تعالى واتخذ من دون الله إلها يسمونه المنيع وجعل له جنة ونار وجعل له زبانية وسماهم الغلاظ الشداد وجعل له ملائكة وسماهم البررة الكرام وجعل في جنته الأشجار والأنهار والأطيار وجعل فيها المخدرات المنعمات وسماهم الحور العين وجعل لها عرشا وكرسيا ومن العفاريت الطيارين وسماهم الملائكة المقربين وأنت رسول الله لم يبلغك من ذلك كله وقد اشتد تمرد القوم وطغيانهم وكفرانهم لرب العالمين (قال الراوي) فلما سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم من عرفطة اشتد به الغضب حتى كاد يضطرب كالسفينة في الريح العاصف وسجد على الأرض طويلا ثم رفع رأسه وقد سكن ما به من غيظ ولمع النور من بين عينيه صلى الله عليه وسلم حتى لحق عنان السماء ثم اقبل على عرفطة وقال له انصرف شكر الله سعيك وأحسن إليك وانا ابعث إليهم رسولا وهو خليفتي ونقمتي على أعدائي فقال عرفطة يا رسول الله إذا بعثت للقوم رجالا من الانس أبادوهم وقتلوهم فان عساكر الانس لن يطيقوا قتال الجن ومردتهم ولن يبلغك ما تريد الا الفارس الصنديد والبط الشديد قالع الحلقة والقصر المشيد ومبيد الإنس والجن في البئر العميق مفرق الكتايب ومظهر العجايب والغرايب صاحب الحسام القاضب والغمام الساكب ابن عمك أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ثم غاب عرفطة أعين الناس فنظروا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد تغير لونه وظهر غيظه واحمرت عيناه وتقوس حاجباه فعم ذلك على المسلمين وجلسوا حوله ينظرون إلى الأرض ويحدقون إلى الإمام علي كرم الله وجهه ويشيرونه عما نزل برسول الله صلى الله عليه وسلم والإمام علي لا يتكلم ولم يرد عليهم (قال الراوي) فبينما
পৃষ্ঠা ৩
الناس في ذلك وإذا بجبريل عليه السلام قد نزل من عند رب العالمين فوثب له النبي صلى الله عليه وسلم مسرورا وهو ينادي لبيك لبيك اللهم إنا نسألك الفرج منك يا مفرج كل كرب ومزيل كل هم وغم وخرج النبي صلى الله عليه وسلم من المسجد وقال لا يقم أحد فن مكانه حتى أعود إليكم وخرج فمكث قليلا ثم رجع إلى أصحابه وهم جلوس كل واحد منهم في مقامه وقد تهلل وجهه صلى الله عليه وسلم فرحا وسرورا وجعل النور يشرق من بين عينيه صلى الله عليه وسلم فوثب الناس إليه يسألونه عن امره (قال الراوي) فقال النبي صلى الله عليه وسلم اجلسوا بارك الله فيكم فجلس الناس جميعا وصمتوا فقال النبي صلى الله عليه وسلم أين سلمان وعمار فأجاباه بالتلبية ها نحن بين يديك قل ما شئت يا رسول الله فانا لكلامك سامعون ولأمرك مطيعون فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم سيروا في شوارع المدينة ونادوا الصلاة جامعة بمسجد المختار الله الواحد القهار فلما سمع الصحابة منه صلى الله عليه وسلم ذلك النداء جعلوا يهرعون إليه من كل جانب ومكان حتى امتلأ المسجد بالنبي بهم ثم صعد النبي صلى الله عليه وسلم المنبر وخطب خطبة بليغة فشوق إلى الجنة ونعيمها وحذر من النار وجحيمها (قال الراوي) قال النبي صلى الله عليه وسلم معاشر المسلمين:
ان الله جل وعلا تقدست أسماؤه ولم يتخذ صاحبة ولا ولدا ولا اله غيره بعد رفع السماء بلا عمد وأرسى الجبال وتد وزين السماء بالنجوم الزهرات والأفلاك الدائرات واجري فيها الشمس والقمر آيات لأولي الألباب وبسط الأرضين بحكمه على تيار الماء وثبتها بالجبال الراسيات واضحك تغوير البقاع الجامدات بفيض دموع السحاب المسخرات وثبت الرياح العاصفات مخاليب الطيور الصافنات وقوى قبة الجبال الراسيات تلاطم أمواج البحار الزاخرات وعلق أستار وأوراق الأغصاب النضرات (قال الراوي) ثم قال رسول الله صلى عليه وسلم أيها المسلمون: انا بشر منكم آكل مما تأكلون واشرب مما تشربون ولا اعلم ما كان ولا يكون ولا يحيط بذلك علما الا من يقول للشئ كن فيكون ثم بعد ذلك أعلمكم انه قد وفد على عرفطة من إخوانكم في الدين وهو من الجن المؤمنين وقد أخبرنا عن اللعين الملك الهضام ابن الحجاف بزعوف بن غانم الباهلي لعنه الله قد اتخذ له صنما وسماه المنيع وصنع له جنة ونارا وملائكة وزبانية فيدخر من اطاعه وأطاع صنمه
পৃষ্ঠা ৪
في جنة ويعذب بناره من عصاه وعصى صنعه وقد غره حكم إبليس اللعين واستدرجه وأهاله فلما سمعت ذلك سمعت ذلك كبر علي وعظم لدي ولأخفف عني ذلك الا حبيبي جبريل وقد آتاني وأخبرني عن ربي عز وجل وهو يقول يا محمد الله يقرئك السلام ويخصك بالتحية والاكرام ويقول لك اني قد علمت بما في نفسك وما قد نزل بك واني مبشرك ان دمار القوم ودمار صنمهم على يد رجل يحبه الله والملائكة وهو سيف نقمتك وباب مدينتك التي ما سجد لصنم قط وهو زوج البتولي والمتولي لدعوتك وحامل رايتك الفتى الولي مفرق الكتائب ومظهر العجائب والغرائب الحسام الغاضب والليث المحارب والغيث الساكب لبني غالب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كفر الله وجهه وهذه إشارة من عند ربي الاعلى ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم كشف عويدة فإذا فيها عربرة سوداء مكتوب فيها بقلم القدر لم يكتبها كاتب فلما نشرها صلى الله عليه وسلم ظهر لنا نور له شعاع عظيم فقال الصحابة يا رسول الله خبرنا بما فيها مكتوب بمشيئة الجبار امر من الطالب الغالب إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه ففرح المسلمون بذلك فرحا شديدا وقالوا لقد فار من الجبار وقربه برسول صلى الله عليه وسلم وعلى الله الا خيارا حزن بذلك للكفار قال الراوي ثم إن الرسول صلى الله عليه وسلم اقبل على أصحابه وقال لهم معاشر المسلمين هل فيكم من وصل إلى ديار اللعين الهضام بن الجحاف بن عون فيخبرنا بما شاهد من ابطاله وأعوانه وكفره وطغيانه فقام عند ذلك رجل من المسلمين يقال له عبد الله بن أنيس لجهني رحمة الله عليه فقال انا أخشى ان يداخل قلبك الوهم والهم عن وصفي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قل يا أنيس فانا لا نخاف مع الله أحدا فقال يا رسول الله أنت بابي وأمي ان خبره عظيم ان الهضام ابن الجحاف لما نظر إلى أصنام العرب التي يعبدونها من دون الله عز وجل وجعل في سماء القبة حجرا من المغناطيس وفي أسفل القبة حجرا اخرا وعن يسارها حجرا يوازن بعضها بعضا وأوقف الصنم في وسطها في الهواء بجذبه كل حجر بقوته وذلك الصنم مرصع بالجواهر واليواقيت النفيسة وكساه بالحرير الملون ونصب له كرسيا مرتفعا
পৃষ্ঠা ৫
مكللا بالدر والجواهر وشده بقضبان الذهب الأحمر والفضة البيضاء فما كان من العاج الأبيض كانت كواكبه من الذهب وما كان من الأبنوس الأسود كانت كواكبه من الفضة البيضاء جعل لتلك القبة بابا عظيما من الذهب الأحمر وعلق على باب القبة سترا مزركشا وعلق من داخل القبة قناديل من اللؤلؤ بسلاسل من ذهب يوقد بطيب الادهان وبنى من خارج القبة بيتا عظيما مانعا بالعلو وجعل سقف القبة من خشب الصندل وفصل أرضها وحيطانها بالرخام الملون وجعل من ورائها بيتا آخر مثل البيت الأول وما زال كذلك حتى جعلها سبعة أبيات على بعضها بعضا ولها سبعة أبواب منها ما هو من العاج ومنها ما هو من الأبنوس وغير ذلك وقدر ركب في تلك البيوت جامات من البلور المختلف الألوان فإذا طلعت الشمس على تلك الكواكب أشرق نور ها على تلك البيوت والقبة وجعل على كل باب حاجبا موكلا به فإذا ورد إليه وأراد أو قصد إليه قاصد من بعض الملوك أوقفه الحاجب الأول والثاني كذلك حتى ينتهي إلى الباب السابع وكلما جاوز بابا نظر إلى غيره فإذا هو أعظم من الذي قبله فإذا وصل إلى المكان فيه عدو الله الهضام وجده جالسا على سريره وقد أحدقت به جنوده والحجاب حوله فإذا وقعت بين يديه امر الهضام بقلع ثيابه فيقلعها ويلبسونه ثيابا غيرها ويقولون له ان ثيابك هذه عصيت فيها فهي لا تصلح ان تدخل على الاله المنيع وأنت تطلب منه الغفران ثم يدفع له خاتما من الحديد ويقولون له ان هذا الخاتم الذي تريد به عفوه عنك فإذا ثبت في يدك فقد عفا عنك وقبل توبتك ثم بعد ذلك يأمر الملك الهضام بفتح القبة لذلك الشخص فإذا دخل على الصنم وشافي نفسه شيئا فيظن ان الصنم قد طالب رضاه وكلما قرب من الضم جذبته السلسلة إلى ورائه فإذا كان لا ينقلع الخاتم من يده يأمرونه بالسجود فيخر ساجد ولم يزل كذلك حتى يهتف به من جوف الصنم الشيطان الموكل به ويأمره بالقيام فيقوم فينذر ذلك الشخص مما أمكنه من الذهب والفضة أو جواهر أو جوار أو عبيد أو خبل قدر ما تصل إليه قوته وقد استولى
পৃষ্ঠা ৬
اللعين الهضام بهذه الحيل على أموال الناس فلما فرغ من ذلك خرج إلى فلاة عظيمة ملء الأرض فجمع الصناع وامر بحفر حفرة طويلة طولها أربعمائة ذراع وعرضها مثل ذلك ثم جعل لها أساسا وبناها بالصخور العظام وأوقف عليها الف عبد اسود غلاظا وأفرد ذلها الف بعير يحملونها الأحطاب والأخشاب والف عبد يجمعون لهم ذلك ويحملونه إلى الحفرة والف يصرمون النار في الليل والنهار وسمى تلك الحفرة جهنم حتى إذا مر بهم طائر احترق من شدة لهيبها وبنى لها درجات عاليات ولما فرغ من ذلك بنى دائرة واسعة طولها عشرون فرسخا وعرضها مثل ذلك وجعل طينها المسك والزعفران وأحجارها من جميع الألوان مثل الأحمر والأصفر والأبيض والأخضر والأزرق وغرس فيها الأشجار وجمع فيها كامل الأوصاف والا طيار وبنى في وسطها دكة بيضاء من الرخام المختلف الألوان واتخذ فيها قصور وجعل سقوفها من الذهب الأحمر والفضة البيضاء وجعل فيها جواري أبكار كأنهن الأقمار ونظم ذوائبهن بالدر والياقوت ووكل بأبواب تلك المقاصير غلمانا مردا جردا وسماهم الملائكة عليهم حلل من أنواع الحرير وعلى رؤوسهم عمائم خضر وجمع في هذه المقاصير من الفواكه الصيفية والشتوية من أطيب الأثمار وجعل فيها الأطيار تغرد على الا غصان بأنواع اللغات وجعل فيها أصناف الطيب المعجون بماء الورد من حول تلك المقاصير وفيها الخمر مسكوب والعسل مصبوب واللبن محلوب يصب في قنوات فمن أطاع هذا الصنم أدخله هذه الجنة ولذذ بنعيمها ومن عصاه أدخله هذه النار يتلظى بجحيمها وقد تزايد امر هذا اللعين الجبار وشاع بين العرب بشجاعته وعظم شره حتى لقبوه بمرارة الموت (قال الراوي) فلما سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك قال ويا ابن أنيس لقد حدثتني لم اسمع مثله قط وأين ارضه وبلاده ومستقره قال يا رسول الله بأطراف اليمن مائلا إلى العمران في واد يقال له وادي القمر فنادى برسول الله صلى الله عليه وسلم أين أمير المؤمنين وحامي حوزة الدين مفرق الكتائب ومظهر العجائب ومبدي الغرائب الليث المحارب والغيث الساكب والحسام القاضب ليث بني غالب أمير
পৃষ্ঠা ৭
المؤمنين علي بن أبي طالب فلما سمع نداء رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب وثب قائما على قدميه وانشد وجعل يقول شعر لبيك من داع ومن منادي * لبيك نور الله في البلاد لبيك من داع إلى الرشاد * فرجت عني كربة الفؤاد قل ما تشاء يا أكبر العباد * افديك نالا هلين والأولاد (قال الراوي) فلما سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم تبسم ضاحكا من قول الإمام علي كرم الله وجهه ورضي عنه ثم اقبل الامام على النبي صلى الله عليه وسلم ووقف بين يديه فضمه النبي صلى الله عليه وسلم إلى صدره وقبله بين عينيه وقال معاشر المسلمين هذا علي ابن عمي ووارث علمي وزوج ابنتي وحامل رايتي وسيف نقمتي من أساء إليه أساء إلي ومن أحسن إليه فقد أحسن إلي ومن أحبه فقد أحبني ومن أبغضه فقد أبغضني اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله ثم قال عليه الصلاة والسلام أسمعت ما وصفه عبد الله بن أنيس الجهني عن عدو الله هضام بن الجحاف وتجبره وكفره وجموحه قال نعم يا رسول الله فقال رسول الله يا أبا الحسن ان الله امرني ان أخبرك بهذا الخبر وقد وعدني ربي بنصرك وحفظك ورجوعك إلي سالما غانما فماذا تقول وامر لك عصابة من المسلمين وجماعة من المؤمنين تسير فيهم إلى عدو الله الكافر وقد بلغني انه تكاسر من الورود وان أكثر منهم مددا وهو القادر على أن لا يبقي منها أحدا (قال الراوي) فاطرق الإمام علي رأسه ثم رفع رأسه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ونظر ولم يتكلم ثم عاد إلى اطراقه ساعة ولم يتكلم ثم عاودها ثالثا فعظم ذلك على النبي صلى الله عليه وسلم وقد تبين في ذلك الوقت في وجوه المنافقين وقال بعضهم لبعض ان علي بن أبي طالب كره التوجه إلى الهضام ويحق له ذلك ومن يقدر على وصف عبد الله بن أنيس وتكلم المؤمنين على قد ما وصل إليهم وقال بعضهم لاشك انه يطلب جماعة يسير بهم إلى عدو الله ولكنه استحياء رسول الله صلى الله عليه وسلم ان يذكر له ذلك وقال بعضهم ان عليا كره الخروج من غير جذع ولا فزع وكثرت الأقوال بين الناس وعظم على النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا أبا الحسن ما السكوت والتواني برد الجواب ما أملت منك الا انك امر مبادر والى ما أخبر تك
পৃষ্ঠা ৮
مسارع فهل لك من حاجة فتقضى أو كلمة فتمضى (قال الراوي) فلما سمع ذلك الإمام علي كرم الله وجهه من رسول الله صلى الله عليه وسلم وتبسم ضاحكا وقال يا رسول الله حاجتي تقضيها كائنة ما كان قال نعم اي والذي بعثني بالحق بشيرا ونذيرا اني أقضيها ان وجدت إلى قضائها سبيلا فقال الإمام علي رضي عنه ألم تأتيك البشرى من عند المولى الكريم رب العالمين ان ترسلني لهذا الامر وضمن لك سلامي وحفظ رعايتي فقال النبي صلى الله عليه وسلم نعم يا أبا الحسن فقال الإمام علي كر م الله وجهه إذا كان من يعصمني ويسلمني ويحفظني لا حاجة بأحد غيره ولا تبعث لهذا الامر أحد سواي فحسبي يا رسول الله نصر الله عز وجل وهو خير الناصرين واسال الله جلب المسرة إلى فؤادك (قال الراوي) فلما سمع ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم تهلل وجهه فرحا مسرورا وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أبا الحسن كفاك الله شانيك وأهلك معاديك ثم كبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وكبر المسلمين جميعا عند ذلك فرحين بما كشف الله من قلوبهم من الهم والكرب وارغام انف المنافقين أعداء الله قال عبد الله بن أبي سلول لعنه الله وهو رأس المنافقين بالمدينة هذه أعظم فرحة وحق اللاتي والعزى لنحرقن عظام علي بن أبي طالب بنار الهضام ولو خرج محمد إليه بجميع أصحابه ما قدروا عليه ولا بقيتم ترون علي بن أبي طالب بعد هذا اليوم ان هو خرج إليه ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم دعا بدواة وقرطاس وقلم ودفعها إلى الإمام علي ابن أبي طالب وقال له اكتب يا أبا الحسن إلى عدو الله الهضام كتاب بالتحذير فكتب الإمام علي كتابا يقول فيه:
بسم الله الرحمن الرحيم هذا كتاب من رسول الله محمد بن عبد الله بن عبد المطلب ابن عبد مناف داعي الورى إلى الانصاف وهاديهم إلى طريق الخير والغفران إلى الهضام بن الجحاف الباهلي اما بعد لقد اتصل إلينا ما أنت عليه من التكبر والتجبر والعتو على الله عز وجل وما صنعته من جنة ونار يا ويلك والويل ثم الويل لك تتخذ الحديد والجنادل أربابا من الله عز وجل أرأيت ما صنعته من نارك لو أنك أمرت عبيدك الذين ينقلون الحطب والأخشاب ان يسكنوا عنه يوما واحدا لسكن لهيبها وانقطع
পৃষ্ঠা ৯
وهجها وخمد حرها يا ويلك والويل لقومك بل لو حملوا إليها الماء وسكبوه فيها لطفئت حرارتها وذهبت جمرتها فأين نارك من نار وقودها الناس والحجارة أعدت للكافرين لا يخمد حرها ولا يبرد لهيبها وهي لا توقد بحطب ولا بخشب بل توقد بسخط الله عز وجل فلا تخمد في ليل ولا في نهار عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون واعلم أن نارك التي توقدها انما هي جزء منها وهي اثنان وسبعون جزء واما جنة الخلد التي وعد المتقون ففيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين لا يفنى نعيمها ولا ينقص ثمرها ولا يصفر ورقها والمؤمنين فيها متنعمون في جوار رب العالمين وعلى الأرائك متكئون واما جنتك التي أحدثتها فلو أمرت بمنع الماء عنها لجفت أغصانها وفسد ثمارها فاترك ما أنت عليه من تكبرك على خالقك ورازقك ولا تنفعك نارك ولا جنتك فقل معي لا إله إلا الله محمد رسول الله واشهد لي بالرسالة تكن من الفائزين والصديقين فان أبيت رميتك بسيف قاطع وبطل مانع (قال الراوي) ثم إن الامام عليا كرم الله وجهه قرأ الكتاب على النبي صلى الله عليه وسلم فاخذ النبي صلى الله عليه وسلم الكتاب بيده الكريمة وطواه بعد أن ختمه بخاتمه الشريف ثم قال يا أبا الحسن خذ معك من المسلمين رجلا فإذا قربت من ديار عدو الله فقدمه امامك رسولا بهذا الكتاب فان اجابه إلى ما دعوناه إليه وآمن بالله وصدق برسالتي فكف يدك فان الله حليم لا يجعل بالعقوبة على من عصاه وان أبي هو وعصى فانظر لنفسك وتدبر امرك واحذر من الحصون في مسيرك وتوكل على الله وقل لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم (قال الراوي) ثم اقبل النبي صلى الله عليه وسلم على أصحابه وقال لهم من يمضي برسالتي مع ابن عمي وانا اضمن له الجنة ولا يكون الا عارفا بديار القوم فعند ذلك نهض جميل قائما على قدميه وكان جميل رجلا مشهورا لأنه كان قريب عهد بالاسلام وكان لا يخفى عليه شئ من مياه العرب ولا من منازلهم فدفع له النبي صلى الله عليه وسلم الكتاب وقال سر يا ابن كثير (قال الراوي) ثم قال له النبي صلى الله عليه وسلم اخرج مع ابن عمي علي بن أبي طالب رضي الله عنه فعند ذلك قال ابن كثير يا رسول الله دعني أتقدم امام ابن عمك فاني لا أطيق المسير معه واني إن شاء الله تعالى أسبقه إلى ديار
পৃষ্ঠা ১০
عدو الله الهضام وأسير إليه راجعا برد الجواب وألاقيه وأسرع له الخطاب فقال له النبي صلى الله عليه وسلم يا جميل أصلح الله شأنك فقال يا رسول الله ثم اتى إلى داره وأصلح شانه وشد راحلته واقبل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وودع من كان حاضرا من المسلمين فقال النبي صلى الله عليه وسلم سر يا جميل وقل لا حول ولا قوة الا بالله العظيم. ثم إن جميل ركب على ناقته وخرج من المدينة وهو عدو الهضام هذا كان من حديث جميل واما ما كان من حديث أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه فإنه أقام في المدينة بقية ذلك اليوم فلما دخل المساء اقبل النبي صلى الله عليه وسلم فحدثه بخبر الذي مضى ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم يا أبا الحسن أيهما يخرج على مطيتك أم على جوادك بل المطية أصلح فإنها تحمل الزاد وتصير على مشقة السير، وقد جعلت الامر إليك فقال له الامام انا موفق بحفظ الله ومتوكل على الله، ولو جعلت الامر إلي فاني لا أسير من عندك الا رجلا فقال له النبي صلى الله عليه وسلم يا أبا الحسن فكيف يكون لك طاقة بحمل الزاد فقال له الإمام علي رضي الله عنه وحق الذي اختارك واصطفاك لا أزال صائما حتى يردني الله إليك سالما.
(قال الراوي) فلما سمع النبي صلى الله عليه وسلم ذلك الكلام من علي كرم الله وجهه تغرغرت عيناه بالدموع ثم قال اللهم لا تفجعني بفقده ولا تحزني من بعده اللهم انه وديعتي إليك فاحفظه حتى ترده إلي الا سالما يامن لا تخيب عنده الودائع ثم إن الامام عليا رضي الله عنه انصرف إلى منزله وبات الليلة يتحدث مع أولاده فلما أصبح الصباح قام الإمام علي رضي الله عنه فتوضأ وأفرغ آلة حربه وتحزم بمنطقته وتنكب بجحفته وضم أولاده وجعل يقبل هذا مرة وهذا مرة ثم اقبل على فاطمة الزهراء رضي الله عنها وقبلها بين عينيها ثم خرج إلى المسجد وصلى مع النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح ثم قال يا رسول الله منك القول ومني السمع والطاعة أتأذن لي بالخروج فقال له النبي صلى الله عليه وسلم لله الامر من قبل ومن بعد فإذا عزمت فتوكل على الله ثم نهض رسول الله صلى الله عليه وسلم قائما على قدميه ونهض الناس معه ولم يبق أحد الا خرج مع النبي صلى الله عليه وسلم وهو يوصي الامام عليا كرم الله وجهه ويحدثه بما يجري به في طريقه والناس يتعجبون من سير الإمام علي
পৃষ্ঠা ১১
وحده فلما بعد عن المدينة وقف النبي صلى الله عليه وسلم وودع الإمام علي ودعا للامام بدعوات تحجب عنه خلق الأرض والسماوات ثم امر الامام بالمسير، وقال سر بارك الله فيك الله خليفتي عليك (قال الراوي) ثم إن صلى الله عليه وسلم وامر الناس بالرجوع فرجع الناس وسار الامام طالبا بلاد اللعين الهضام وحيدا بنفسه ليس معه من يؤانسه الا الله وكان المنافقون قد خرجوا جميعا عند الوداع وهم يقولون اما ترون هذا علي بن أبي طالب إذ هو تعرض لمرارة الموت لم يبق لهذه الديار يعود وهو فرحون مسرورون يقولون قد فقد علي بن أبي طالب حين صار لمرارة الموت والنبئ صلى الله عليه وسلم والصحابة يدعون للامام بالنصر والتأييد على أعدائه فهذا ما كان من امر المنافقين والنبئ صلى الله عليه وسلم (قال الراوي) واما ما كان من امر الإمام علي كرم الله وجهه فإنه سار واستقام به المسير واسلم نفسه لله عز وجل وانشد شعرا أسير وحدي إلى ما قد أراجيه * إذ كل ما قدر الله من امر ألاقيه لا تكره الموت في بدو ولا حضر * ان يدن منك فكن أنت مدانيه أسير مستلما لله معتمدا * عليه في كل أحوالي أناجيه به الود ومالي عنه من عوض * جل الاله فإني من محبيه سواء ومالي عنه مصطبر * وكيف وكيف عبد يرجي من مراجيه صلى الاله على طه وعترته * ما دام طير على غصن يناجيه (قال الراوي) فبينما الامام سائر وقد غاب عن المدينة وإذا بصائح من وراه ينادي يا أبا الحسن سألتك بالله ورسوله ان تقف لي حتى ألحقك فوقف الامام والتفت ورائه وإذا برجل طويل السواعد عريض المناكب وهو يسرع في خطائه ويرول في مشيه فتأمله الإمام علي رضي الله عنه فإذا هو رجل من أشرار المنافقين يقال له ورقة بن خضيب من أقارب ابن أبي سلول المنافق لعنه الله وكان الملعون يتجسس الاخبار لعدو الله الهضام بن الجحاف ويظهر الاسلام ويكتم النفاق ويريد بذلك انه يظهر برسول الله صلى الله عليه وسلم وابن عمه فلم يجد لذلك سبيلا فلما نظر الامام خرج في ذلك اليوم وحيدا فريدا اقبل ذلك الرجل على قومه للمنافقين فرحا مسرورا وقال لهم الان قد بلغت مرادي وبلغت أمنيتي
পৃষ্ঠা ১২
وها انا أريد ان أرافق علي بن أبي طالب إلى أن أجد فرصة أو غفلة عند قومه أو سيره فاقطع رأسه وأمضي به إلى الملك الهضام لأنال عنده المنزلة العليا وعند الاله المنيع الرفيع وأتقرب إليهم وأصير عندهم صاحب قدر واشفي قلبي من العلل فقال اخوته المنافقين نشكر اللاتي والعزى وفرحوا بذلك فرحا شديدا لما يعلمون من شجاعته وقوة قلبه فما منهم الا وقد وعده بصلته وجعل له جهل ان وصل إلى ذلك (قال الراوي) فعند ذلك خرج ورقة من خضيب ولحق أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب رضي الله عنه معارضا له سالكا طريقا قال فالتفت الامام إليه وقال من أنت ومن أين اتيت والى أين تريد فقال ورقة اتيت أريد مرافقتك ومصاحبتك ومساعدتك على أعدائك لأنني مبتهج بمحبتك ومجتهد في خدمتك عند ذلك قال أمير المؤمنين كرم الله وجهه من أحبنا لقي بحبنا نعيما ومن أبغضنا لقي ببغضنا جحيم وكان الله بما قضى عليما ارجع يا ورقة لا انس لي بك والله أعلم بما أضمرت فجزاك عليه يوم يقوم الناس لرب العالمين فقال ورقة يا أبا الحسن اني ما اتيت حتى استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الموافقة والمسير معك والمساعدة لك على أعدائك ثم انه الج عليه في السؤال بالمخادعة والحيلة عنه إلى ناحية من الطريق وسمح له بالمسير معه (قال الراوي) ثم سار عدو الامام متجانبا متباعدا عنه وسار عدو الله إلى جانبه ولم يبدله شيئا وكتم امره فقال له الامام ان كان ولابد من مصاحبتي فلا تسألني عن شئ حتى يحدث لك منه ذكرا فاجابه ورقة إلى ذلك وقال بأبي أنت وأمي وكيف أتعرض لك في شئ وأنت من بيت النبوة ومعدن الرسالة واقتبس منك ومن علمك ولا أنازعك في صنعك ولا أمانعك قي امرك وانما انا مساعدك في سفرك ومعاونك على أعدائك فعند ذلك خلى الامام سبيله وجعل يقول:
من صاحب الليث يرجو منه خدعته * يسقى من أظفاره كأس الزي جرما من يشرب لا يامن عواقبه * لو كان يعلم عقبى السم لامتنعا من أضمر الشر يأتي نحوه عجلا * مسارعا قاصدا قد جاء متبعا
পৃষ্ঠা ১৩
(قال الراوي) فلما سمع ورقة هذه الأبيات من الامام لم يرجع عما أضمره بل إنه سمع غيظا وثم يزالا سائرين والإمام علي يقول حسبي الله ونعم الوكيل حتى وجب عليهما فلم يجد الامام ماء يتوضأ منه فسار إلى أن قرب العصر فأشرف الامام على رجل واقف على بئر وقد ملا سقيه والى جانبه مائدة منصوبة وعليها صحف مملوة بالطعام وأقراص من العيش فلما نظر ذلك الرجل الامام وورقة قال هلما إلى الطعام الفاخرة والماء البارد بلا ثمن ولا جزاء فأسرع إليه الامام ولم يمهله حتى قبض على أطواقه وجلد به الأرض وجلس على صدره وحز رأسه ثم عمد إلى الماء فأراقه ثم حفر حفرة كبيرة وجعل فيها الطعام ورد عليه التراب حتى غيبه وسار كأنه لم ينبه شيئا فقال له ورقة يا أبا الحسن قد قد تجارات على فعلك وأسرفت في صنعك وظلمت في حكمك بما فعلت بهذا الرجل الذي يبرد الماء لعابر هذا الطريق وينصب للجيعان من غير ثمن ولا جزاء وتقدمت إليه وذبحته والى طعامه فدفنته والى مائه فارقته وتركتنا نلتهب عطشا فوالله لقد تجارات في فعلك وأسرفت في صنعك فقال له الامام ألم أقل لك لا تسألني عن شئ حتى أحدث لك منه ذاكر ارجع الان فإنك لن تستطيع معي صبرا (قال الراوي) فازداد اللعين كفرا وامتلأ غيظا وقال في نفسه كيف ارجع واداع ابن أبي طالب وحق اللاتي والعزى لا ارجع حتى اقطع رأسه وأمضي بها إلى الملك الهضام وأبرد قلبي وأشفى غليلي ثم اقبل على الامام بمكره وخداعه وقال يا أبا الحسن أنتم أهل الجود والكرم والاحسان والعفو والامتنان ولست أعود إلى شئ تكره فسمح له الامام بالسير معه فسار إلى إلى وقت العصر ثاني يوم فأشرف الامام على حوض مملوءة وبجانبه مسجد قد طرح النحل على جدرانه وإذا بشيخ كبير جالس إلى جانبه وعنده جارية حسناء وعليها أثواب الزينة وثياب مزعفرة فلما وصل إليها الامام حل منطقته ووضع سلاح واخرج زنادا كان معه وقدح منه نارا وأطلقها في المسجد فاحترق المسجد سريعا وتساقطت حيطانه ثم انه حفر حفرة وعمد إلى الصبية فجعلها فيها ورجمها حتى حتى ماتت ثم عمد إلى الشيخ فقطع يديه ورجليه وتركه مخضبا بدمائه ثم عمد إلى الماء فتوضأ وصلى وانصرف كأنه لم يفعل شيئا
পৃষ্ঠা ১৪
(قال الراوي) فلما رأى ذلك ورقة ثار وامتلأ غيضا وحمقا على الامام لكنه خشى من صولته وهجومه عليه قال له وهو يلين له الكلام يا ابن أبي طالب والله ما امرك الله ولا رسوله ولا نطق بذلك القرآن عمد إلى المسجد فأحرقته وهدمته والآن عاد خرابا وعمدت إلى الشيخ فقطعت يده ورجليه من غير ذنب ولا جناية سبقت منه إليك ثم عمدت إلى صبية من حسن الناس وجها فرجمتها حتى ماتت وهي كانت تصلح لمثلك والله لا نصرت وهذه الفعال فعالك فتبسم الامام وقال والله لولا أني أريد ان أظهر لك بيان بما رايته والا كنت عجلت بروحك ولا كذبت على وعارضتني لي فأهلكك وتدبر امرك وانظر إلى ما أنت له صانع وسيظهر لك يا ويلك اما رأيت وعاينت وان سالت عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرك به فارجع عني واستغنم السلامة وأكرم الناس من إذا قد عفا وهذه الثانية صحبتي وعدت إلى الثالثة جازيتك بعلمك يا ويلك ألم أقل لك ما قاله العبد الصالح لموسى بن عمران انك لن تستطيع معي صبرا فقال يا أبا الحسن اعف عما قلت ولست أعود إلى ما تكرهه ودخل على الامام بمكروه وخداعه وهو يظن أن يظفر به فسمح له الامام بالمسير معه ولم يزالا فيه عين ماء كبيرة المياه وبجانبها حظرة واسعة وعلى بابها عبد عظيم الخلقة احمر العينين عريض المنكبين مفتول الساعدين فلما نظرهما قال للامام اعدلوا إلى هذا المنزل فقد ولى النهار واقبل الليل فقال الامام سر ولا تتعرض لما ليس لك به علم فقال ورقة والله ما بك خوف من هذا الأسود حيث رايته يطيل النظر إليك فلما سمع الامام ذلك تغير وجهه وقال لورقة ويلك أمثلي يفزع من ابيض وأسود وانا من أهل العلم والتأويل والدلالة والتفصيل ثم عطف الامام ناحية العبد فلما رآه العبد مقبلا إليه ورحب به وفتح له باب الحظيرة فدخل الامام ودخل الأسود في
পৃষ্ঠা ১৫
نحوهما وأغلق باب الحظيرة فلما وصل الامام وسط الحظيرة وإذا هو بجماجم مقطوعة وعظام مهشومة فوقف ينظر إلى ذلك ويتفكر ويتعجب وإذا هو بسبعين عظيمين قد خرجا من جانب الحظيرة وقصد أحد منهما إلى نحوي الامام والاخر إلى ورقة فالسبع الذي وصل ورقة هدر وزمجر فلما عاين ذلك قصد نحو الامام وهو يرتعد كالسعفة في مهب الريح واصطكت أسنانه واهتزت ركبتاه من شدة ما نزل به من الخوف والفزع وهو ينادي برفيع أصواته أدركني يا أبا الحسن خالفتك فهلكت فبالله عليك يا أبا الحسن خلصني مما انا فيه ولا تؤاخذني بسوء أفعالي قالت من أهل الكرم والجود فتبسم الامام ضاحكا من مقالته واما الامام فلم يعتن بالسبع الذي وصل إليه ولم يلتفت إلى مبتلة فلما قرب السبع من الامام صرخ صرخته المعروفة الهاشمية فتضعضع السبع من شدتها ووقف مكانه وخمدت قوته من صوت الامام وجعل ينادي انا السيف المسلول انا ابن عم الرسول انا مفرق الكتائب انا مظهر العجائب انا الحسام القاضب حامل ذو الفقار انا البحر الساكب القاضب انا ليث بني غالب انا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ثم وثب على السبع بقوته وضربه ضربة عظيمة فمات ثم حمل على ورقة فوثب عليه ونادى انا الليث التمام انا البطل المقدام انا قاتل اللئام انا مفرج الزحام فعند ذلك فر السبع داخل البيت عندما نظر ما حل بأخيه وجعل العبد يحد النظر إلى الامام ويتعجب مما فعل فجرد صحيفة هندية وتقدم إلى السبع يحرضه وهو شدة غيظة على قتل أخيه فحرضه على الامام فغمد السبع إلى الامام وعمد الأسود إلى ورقة يريد قتله قبل قتل الامام فقال ورقة للأسود مهلا وقيت الردى وكفيت شر العد فإنني معين لك على امرك لعلي اقتله واخذ رأسه إلى الهضام لأنال المرتبة العليا والآن اختلطنا بعد الملك الهضام فان قتلناه فنكون لنا اليد العليا عند الملك الهضام وعند الاله الرفيع فعند ذلك فرح الأسود من مقاله ومال علي الامام وورقة معه وقال يا ابن أبي طالب إلى أين طالب فانظر إلى نفسك وتدبر امرك فلم يلتفت الامام وهجم على السلع وضربه ضربة
পৃষ্ঠা ১৬
هاشمية بين عينيه فلما نظر الأسود ذلك انذهل وعلم أنه ان أقدم على الامام أرداه فرمى صفيحته من يده ونادى يا ابن أبي طالب ارفق على أسيرك وأحسن إلي فاني لم اعلم بك ولا بمكانك حتى سمعت ذكرك من رفيقك أحسن إلي يا أبا الحسن أحسن الله إليك فلما سمع ذلك منه الإمام قال اعتزل حتى افرغ من عدو الله وأعود إليك فيقضي الله بحكمه ما هو قاض ثم عمل على الامام إلى ورقة وقال يا رأس النفاق قد أظهرت يا عدو الله ما كنت له سائرا وما أنت عليه عازم وضامر فانظر الان لنفسك وتدبر امرك فقد آن أوان قتلك ثم نادى ورقة يا ابن أبي طالب سألتك بحق محمد ابن عمك الا ما أبقيت علي وأحسنت بكرمك إلي فقال له بعد نفاقك وكفرك ما أبقى عليك هيهات هيهات فلما أيقن اللعين بالهلاك قال يا ابن أبي طالب الظلم لا يفارقك ولا يفارق ابن عمك فحدثني عما ظهر لك أنت في طريقك هذا من سوء فعليك مما لا يرضاه الله ثم افعل ما بدا لك فاني اشهد انك أنت وابن عمك ظالمان ساحران فغضب الامام من مقاله ورقة غضبا شديدا وقال له يا عدو الله تبارك وتعالى قد باعد بيننا وبين الظلم والعدوان وجعلنا من أهل الكرم والاحسان ويل لك ولقومك فانا اكشف لك ولقومك جميع ما رايته في طريقنا اما الرجل الذي أقبلنا عليه وعنده الماء والطعام فإنه كان مسموما وانما صنعه للناس حيلة فإذا اكل أحد الطعام وشرب من الماء هلك لوقته فيأخذ ما كان معه وقد أهلك بهذه الحيلة خلقا كثيرا فلما اتيته قتلته عمن قتل من الناس وأهرقت الماء ودفنت الطعام لئلا يأكل منه الطير والوحوش فيهلكوا واما الشيخ الذي اتيناه بالمسجد وعنده الجارية فإنها بنته وهو ينكحها للصادر والوارد فإذا نزل عبد سالك طريق عرض عليه بنته فان اجابه إلى ذلك كان والا يتركه حتى ينام ويسرق منه جميع ما معه فلما قدمت عليه قطعت يديه ورجليه لا جل سرقته ورجمت الجارية لزناها حتى ماتت وأحرقت المسجد واما هذه الحظيرة وهذا الأسود وهذان السبعان فيقتل بهما جميع من اتى إليه في هذه الحظيرة ويأخذ ما كان معه ثم إن الامام تقدم إلى ورقة وضربه بذي الفقار على رأسه ففلقه نصفين ووصل
পৃষ্ঠা ১৭
إلى الأرض وعجل الله روحه إلى النار فلما نظر الأسود إلى ذلك حار عقله ونادى يا ابن أبي طالب امدد يدك فاني اشهد ان لا الله الا الله ان ابن عمك محمد رسول الله واني كنت في لجج الضلالة سارج فلا زلت لك منذ هذا اليوم الا مواليا فعند ذلك تبسم الإمام علي كرم الله وجهه وقال له خذ سلب عدو الله وامض حيث شئت مصاحبا للاسلام فقال يا أمير المؤمنين اني لا أكون معك وبين يديك فقال له الامام هذا جبل بعيد لا يصل إليه كل ضامر سلول فقال الأسود هذا الوصف لا أجده الا لك يا ابن عم الرسول صلى الله عليه وسلم أنت زوج البتول وابن عم الرسول سيف الله الرسول الا يا أمير المؤمنين سألتك بحق ابن عمك الا أخبرتني إلى أين تريد فقال له اني والله أريد الهضام بن الحجاف وصنمه المنيع وحصنه الرفيع لأذيقه السم الفقيع فقال الأسود وقد تحول سواد وجهه إلى الاصفرار لما سمع بذكر الهضام فقل له يا أمير المؤمنين لا تعرض نفسك للهلاك فطريق ما ذكرته غير سالك فكيف تصل إليه وبينك وبينه وسبعة قصور وفيها حصون وكلها مملوءة بالرجال والابطال لا يطير عليهم طائر الا منعوه من الجواز حتى يستخيروه ووصولك إلى صنمه أبعد من ذلك وان له جنة ونار ويدخل في جنته من اطاعه ويدخل في ناره من عصاه وانا أخشى عليك مما أعده من الأهوال فقال الامام امض أنت إلى حال سبيلك ومعي ربي تعالى ينصرني وهو معي أينما توجهت فهو حسبي ونعم الوكيل ثم قال له ما اسمك فقال له اسمي هولب فقال الامام اكتم أمري ولا تبيح بسري وامض إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وجدد اسلامك على يديه فقال هولب يا سيدي هذا الذي ضمرت عليه (قال الراوي) فعند ذلك ودع أمير المؤمنين وسار إلى المدينة قاصدا النبي عليه السلام أمير المؤمنين ساير بلاد الهضام حتى ولى النهار واقبل الليل فعبد غروب الشمس صلى المغرب والعشاء ثم سافر طول ليلته حتى لاح الفجر فصلى الصبح ثم سار وطاب له السير وقرب الله البعيد وسهل عليه كل صعب شديد (قال الراوي) حدثنا أمير المؤمنين رضي الله عنه قال كنت أرى الجبال الشاهقة امامي فبينما انا أتفكر في الوصول إليها فما أدري بنفسي الا وانا قد وصلت إليها وعولت
পৃষ্ঠা ১৮
عليها بحول الله وقوته ولا أدري بتعب ولا ألم كل ذلك بحول الله سبحانه وتعالى وبركة رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أنشد وجعل يقول شعرا طاب المسير بنور الله إذ لمعا * وبان ضوء الفجر إذ طلعا (قال الراوي) وسار الإمام علي رضي الله عنه يطوي المنازل ولا يعوج المناهل إلى أن وصل إلى ارض اليمن جعل يكن بالنهار ويمشي بالليل إلى أطراف البلاد وشرف على العمران حتى وصل إلى واد الظل وهو أول الأودية السبعة وهو واد معشب اخضر نعمه عظيمة كثيرة النبات والأشجار والمياه والظل المديد واختلاف الألوان وحسن الأطيار إذا فيه رعاة معهم أغنام ثم نظر إلى صدر الوادي فإذا هو بحصن حصين وهو يسمى حصن حصن الوجيه وهو في صدر الوادي يلوح كأنه لؤلؤة له نور ساطع واشراق لا مع فلما نظر إليه الامام حمد الله تعالى وشكره وأثنى عليه على تيسير العسير الذي قرب إليه البعيد وسهل كل صعب شديد (قال الراوي) ثم انه انحدر إلى ذلك الوادي وإذا عارضه نهر ماء جار يلوح صفاء بياضه والخيل والانعام والإبل وسائر المواشي مرعاه البر الاخر مما يلي ديار القوم والرعاة مجتمعين ومعهم واحد بيده غابه يصفر بها وقد نظره القوم ويرتجزون الاشعار فنزل الامام رضي الله عنه إلى جانب النهر وقد نظره القوم فلم يخاطبهم ثم انه حل منطقه وتوضأ وصلى فلما رآه القوم يصلي بهتوا إليه ولم يدروا ما هو صانع وقد دهشوا من ركوعه وسجوده وقيامه وقعوده فقطعوا ما كانوا فيه من لهوهم ولعبهم وقال بعضهم لبعض كان هذا من بعض كتب العرب فقال بعضهم انما هو جنة وقد أكثر القوم في الامام رضي الله عنه وهو مشغول بما هو فيه (قال الراوي) فلما فرغ من صلاته مال متكئا إلى جحفته فقال بعض القوم من أين أنت أيها الرجل فقال لهم من طين من حمأ مسنون خلقني وقدرني الذي يقول للشئ كن فيكون فقال لهم الراعي ألم أقل لكم انه مجنون قذفته جنية إلى هذا المكان فترك الراعي قول أصحابه وقالوا يا هذا من أين أقبلت فقال له الامام من عند مولاي الذي كفاني بنعمته ونعمني بفضله وكرمه فقال الراعي أفقير مولاك أم غني فقال الامام مولى الموالي
পৃষ্ঠা ১৯
علمه بحالي يكفي عن سؤالي مالك المشرق والمغرب والبر والبحر والسهل والوعر والأرض والسماء عليه توكلت وبه استعين فقال الراعي صدقت وبالحق نطقت أقدم علينا أيها الرجل فالطريق امامك هذه الصفة صفة الهناء المنيع وهو في احسانه بديع ثم انهم سروا سرورا عظيما وفرحوا به فرحا شديدا وقالوا له يا فتى بلغت السلامة ومناك وأدركت هواك فان أحببت تأتي إلينا فدونك والجسر عن يمينك واجعل راحتك عندنا لتسر بنا ونسر بك فقال لهم الامام من يهدي الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واني أرجو ان أكون على الطريق متبع النبي الناصح (قال الراوي) فاعرض الأعيان عنه لأنهم لم يفهموا كلامه وقالوا له ان كلامك تخليطا وفي لسانك تفريطا ان كلامنا لك ضايع فأعرضوا عنه ورجعوا إلى لعبهم ولهوهم وأقام الامام رضي الله عنه مكانه إلى أن وجب العصر فصلاه وإذا بالرعيان تصارخوا وتصايحوا فقال لهم الامام معاشر القوم ما صراخكم فقالوا ننظر إلى قطيع الظبا منحدرا من الجبل فلما نظر الامام إلى داره ووثب قائما على قدميه ثم نزع اطماره وسلاحه وقال لهم دونكم وحفظ أثوابي وسلاحي فقالوا وأين تريد فقال أريد هذه الظباء لعلي أنال ظبيا فلم يبق أحدا منهم الا وقد ضحك من قوله واستهزأ عليه ثم قال بعضهم لبعض ألم أقل لكم ان الرجل هائم على وجهه مخبوط في عقله ثم تركهم الامام ومضى وهم ينظرون إليه ويظنون انه لا يبرح من مكانه لعظم خلقته وكبر بطنه ثم إن الامام قام حتى توارى عن أعين الرعاة وقد قطع الشعاب وهو يشب من ربوة إلى ربوة ومن شجرة إلى شجرة ثم ادركها وهي في شدة جريها فقبض على اثنين منها واحدة بيمينه وأخرى بيساره واقبل كأنه الريح الهبوب والظباء في يديه فلما رأى الدعاة الظباء في يديه كبر الامام في أعينهم ولم يزل الامام سابر حتى اتى سلبه واستخرج سكينا وذبحهما وسلخهما وأجاد غسلهما ثم حفر حفرة والتفت يمينا وشمالا يطلب حطبا فلم يجد شيئا من ذلك الحطب ورمى في الحفرة حتى ملأها ثم قدح زناد وخرج نارا أضرمها في ذلك الحطب فتأججت صار جمرا فكشف الجمر عن الحصى واخذ الظبيين ورماهما في الحفرة وردم عليهما النار من فوقهما هذا والرعاة
পৃষ্ঠা ২০