وكانوا إذا ارادوا أن يختنوا غلاما، أو ينكحوا منكحًا، أو يدفنوا ميتًا، أو شكوا في نسب أحد منهم، ذهبوا به إلى هبل، وذهبوا معهم يحزور ومائة درهم إلى صاحبه (صاحب القداح) التي يضرب بها، فأعطوها إياه، ثم قربوا صاحبهم الذي يريدون به ما يريدون، وقالوا: اضرب، اللهم أخرج على يديه اليوم الحق، ثم استقبلوا هبل، فقالوا: يا إلهنا، هذا فلان بن فلان كما زعم أهله، يريدون كذا وكذا، فإن كان كذلك فأخرج فيه «الغفل»، أو «نعم» أو «منكم» واقبل هديته فإن خرج من هؤلاء الثلاثة كتب في قومه وسيطًا، وإن خرج عليه «من غيركم» كان حليفًا، وإن خرج عليه «ملصق» كانت منزلته فيهم لا نسب ولا حلف، وإن خرج فيه شيء مما سوى هذا مما يعملون به «نعم» عملوا به، وإن خرج «لا» أخروه عامه ذلك حتى يأتوا به مرة أخرى، ينتهون من أمورهم إلى ذلك مما خرجت به القداح.
فقال عبد المطلب: اضرب على بني هؤلاء بقداحهم هذه، وأخبره بنذره، وأعطاه كل رجل منهم قدحه الذي فيه اسمه، وكان عبد الله بن عبد المطلب، أبو رسول الله ﷺ أصغر بني أبيه «١»، كان هو والزبير «٢» وأبو طالب لفاطمة بنت عمرو بن عائذ بن عبد الله بن عمران بن مخزوم، وكان- فيما يزعمون- أحب ولد عبد المطلب إليه، وكان عبد المطلب يرى أن السهم إذا أخطأه فقد أشوى، فلما أخذ صاحب القداح القداح ليضرب بها، قام عبد المطلب عند هبل يدعو ويقول:
اللهم لا يخرج عليه القدح ... إني أخاف أن يكون فدح
إن كان صاحبي للذبح ... إني اراه اليوم خير قدح
_________
(١) كذا، ولعل المقصود آنئذ، وبعده ولد لعبد المطلب العباس وحمزة، أو «أصغر بني أبيه لأمه»، ذلك أن سياق الحديث يلي بذكر أمه واخوته منها.
(٢) المشهور بضبط اسم الزبير هو بضم الزاي المعجمة، لكن هناك من يروي ضبطها بفتح الزاي المعجمة بعدها باء مجرورة.
1 / 33