الجزيرة الديانتين اليهودية والنصرانية، كما عرفت أخبارا من أخبار الفرس والروم وعرفت أيضا بعض التقاليد الثقافية التي كانت سائدة في منطقة ما يسمّى بمنطقة «الثقافية الهيللينية» «١» . إلى جانب هذه التقاليد الحضارية الخارجية التي وصلت إلى مكة؛ تكوّنت في مكة نفسها تقاليد ثقافية خاصة بها وبشمال الجزيرة بشكل عام. كان من ضمن هذه التقاليد الخطّ العربي المستعار في الأصل من الأنباط «٢» . هذا الخطّ الذي وصلت إلينا نماذج من تطوراته الأولى تعود إلى مطلع القرن الرابع الميلادي ما لبث أن انتشر وسيطر في الأصقاع التي انتشرت فيها تجارة مكة وأسواقها في شمالي الجزيرة وجنوبيها «٣» .
ولا شك أن شباب قريش الذين كانوا في أكثرهم تجارا، وكانوا يعقدون المعاهدات، ويسجّلون العقود ويحتاجون إلى كتابة الرسائل كانوا يعرفون في أكثرهم الكتابة العربية، والقرآن الذي ترد فيه إشارات كثيرة إلى الكتب والكتابة والعقود والنظم التجارية شاهد صريح على كون هذه الأمور كلها معروفة وممارسة لديهم «٤» . وكتب السيرة والتاريخ والطبقات تؤكّد ذلك بذكر أسماء أشخاص بعينهم في مكة والمدينة كانوا يحسنون الكتابة والقراءة، كما تذكر تقليدا آخر- ربما كان خاصا بالمدينة المنورة- مفاده أنّ أولئك الذين كانوا يحسنون الكتابة والسباحة والرمي كانوا يسمّون «الكمله»، وكان منهم بين الأنصار عدد ليس بالقليل «٥» .
_________
(١) قارن..ff ٨ Islam im Autike der Fortleben Das:Rosenthal.E:
(٢) قارن..٩٣٩١ Chicago.Script Arabic North The of Rise The:.N Abbot:
(٣) قارن:
٤٦ Arabes des Penetration La:Dussaud-.ff ٣١٣ II Araber Die:Stiehl- Altheim-
جواد علي: المفصل ٣/ ١٩١ وما بعدها.
(٤) القرآن ٢٣/ ٢٨٢، وقارن ناصر الدين الاسد: مصادر الشعر الجاهلي ٤١- ١٣٣.
(٥) طبقات ابن سعد ٣/ ١٣٦، فتوح البلدان ٤٧٣- ٤٧٧.
1 / 6