সিনেমা ও দর্শন: একে অপরকে কী দেয়
السينما والفلسفة: ماذا تقدم إحداهما للأخرى
জনগুলি
هل سينجر على حق في استنتاجه؟ لماذا لا يمكن اعتبار فيلم ما «عظيما»، ويجسد معنى، ويوظف تقنيات تنقل هذا المعنى، و«يستغل الأبعاد الصوتية والأدبية والبصرية لنوعه الفني استغلالا عميقا ومؤثرا» ورغم ذلك لا يعتبر على وجه الدقة فيلما فلسفيا؟ (تأمل على سبيل المثال الأفلام الموسيقية مثل «قابلني في سانت لويس» (ميت مي إن سانت لويس) (1944) و«شارع 42» (فورتي تو ستريت) (1933).) وعلاوة على ذلك، ما الذي يفعله «الفلاسفة المخضرمون» في رأي سينجر؟ من بين ما يفعله الفلاسفة المخضرمون دراسة كثير من القضايا الشخصية والاجتماعية والسياسية والأخلاقية نفسها التي تتناولها السينما بالبحث أحيانا. هم يجمعون ما يذكرنا بسمات ثابتة، دائما ما نتجاهلها من الخبرة البشرية؛ ويتأملون تلك الخبرة بوصفها ظاهرة إلى جانب إعمال الفكر في تماسك النظريات الفلسفية وصحة أدلتها. وتوجد بعض الأفلام التي تتفوق كثيرا (من حيث كونها أكثر تبصرا ودقة وإقناعا من الناحية الفكرية) على الفلاسفة المخضرمين في أداء بعض هذه المهام على الأقل.
ربما ينبغي لنا إذن تبني فرضية معتدلة تقضي بأن أفكارا فلسفية محددة تجسد على نحو أفضل على شاشة السينما من تجسيدها في النصوص المكتوبة؛ فربما تعمق الأفلام أحيانا من وجهات نظر فلسفية على نحو تجد النصوص المكتوبة صعوبة في تحقيقه. لا يتطلب ذلك امتلاك السينما قدرة فريدة على توظيف نمط خاص بها من التفلسف أو نوع تنفرد به من التبصر الفلسفي، ولا يتطلب امتلاك الأفلام قدرة على أداء أنشطة فلسفية لا يمكن أداؤها على الإطلاق عبر أساليب فلسفية شفهية أو مكتوبة. تلك إذن فرضية مختلفة عن الفرضية الجريئة. على الجانب الآخر، تقتضي الفرضية المعتدلة أن الأفلام قد تتفوق أحيانا على النصوص المكتوبة في أداء بعض المهام. إذن فالأفلام ليست مجرد منهل للتفلسف، وهي أيضا ليست مجرد وسائل للتأمل المنهجي في معتقدات أساسية. إنما هي طرق جيدة على نحو استثنائي لممارسة الفلسفة. إن الفرضية المعتدلة تخول السينما امتلاك مغزى فلسفي عميق.
الفكرة الرئيسية وراء الفرضية المعتدلة هي أن الأفلام تستطيع أحيانا التفوق على الأنواع الفلسفية المعتادة في تقديم أشكال بعينها من المادة الفلسفية. ولا يرجع ذلك فحسب إلى كون السينما أكثر إمتاعا وجاذبية على المستوى العاطفي. الأفلام في أغلب الأحيان أكثر جاذبية من الكتابة الفلسفية العادية، وفي النهاية أي من كتابات فلاسفة مثل كانط وهيجل وهيوم ورولز ودوميت لا تعتبر حقا كتابات مشوقة. إذا كانت السينما تستطيع أحيانا أن تصبح وسيطا فلسفيا أفضل، فإن ذلك يرجع جزئيا إلى قدرتها على تجسيد نوع من الفروق الدقيقة ووجهات النظر التي لا توجد غالبا في الفلسفة الاحترافية، ومن الصعب إعادة إنتاجها ضمن الأنواع الأدبية التي تستخدمها. وذلك بدوره يرجع جزئيا إلى أن الفلسفة الاحترافية مكبلة أكثر مما ينبغي بقيود أنواعها الأدبية المتخصصة؛ ألا وهي مقالات الدوريات المتخصصة والدراسات ذات الموضوع الواحد.
تستند بعض الآراء المحافظة حول قدرة السينما على ممارسة الفلسفة إلى مفهوم قيم وحصري ومفرط التدقيق لماهية الفلسفة. قد يرجع ذلك إلى أن بعض الفلاسفة لا يرغبون ببساطة في تقبل احتمالية أن الشعراء والروائيين وصناع الأفلام، وغيرهم ممن يمتهنون مهنا أقل مقاما، ربما ينجحون كثيرا فيما يخفق فيه الفلاسفة، ويتفوقون أحيانا في ممارسة الفلسفة على الفلاسفة المحترفين، ناهيك عن تقبل ذلك كحقيقة بسيطة. ويرتبط بالمفهوم «القيم» للفلسفة الافتراض المزعوم بأن على السينما تحقيق توقع ما؛ أي معايير معينة لا بد أن تفي بها كي تصبح جديرة بالنظر إليها على أنها تمارس الفلسفة أو تساهم فيها. لكن ربما يجدر بنا النظر فيما إذا كان الفلاسفة قد أساءوا فهم الترتيب الصحيح للعلاقة بين الفلسفة والسينما. ربما كان السبيل الأكثر ثراء بالأفكار هو طرح السؤال التالي: «ما الذي ينبغي على الفلسفة فعله، ما المعايير التي ينبغي أن تسعى لتحقيقها، كي تصبح أكثر شبها بأفلام (معينة) أو كي تساهم فيها؟»
يرى بعض الفلاسفة أن الممارسة الفلسفية المعاصرة شوهت الكثير من القضايا الفلسفية. وعلى وجه الخصوص، فإن فلاسفة أمثال آيريس مردوخ (1970) ومارثا نوسباوم (1990) يعتقدون أن الفلسفة - على الأقل في بعض الأحيان، وفي ميادين مثل الأخلاقيات - تبدو أكثر انسجاما، أو بعبارة أخرى أكثر قابلية للفهم وأكثر تناغما في الأدب والفنون، مقارنة بوضعها بين الفلاسفة. إن جماليات السينما وتقنياتها؛ مثل المونتاج والتركيز العميق واللقطات المقربة ولقطات التتبع، جميعها مناسبة لتركيز وتعزيز الانتباه والتأمل اللازمين اللذين يعتقد مردوخ ونوسباوم أن الأدب الروائي الجيد يجسدهما. إلا أنه في جعبة السينما ثمة حيل تفوق بكثير ما لدى الروايات؛ فالكاميرا تصحبنا إلى حيث يريدنا المخرج تحديدا، ويمكن إبراز وجهة نظر ما باستخدام الصوت أو الموسيقى. والأفلام ترينا وجوها؛ ومن ثم تطلق العنان لقدرتنا على قراءة الوجوه وإدراك مغزى الحركات والإيماءات. بينما يضطر الروائي إلى التصريح أو التلميح، بأشياء يمكن لصانع الفيلم أن يعرضها علينا. لا يعني هذا، حسب وصف مردوخ ونوسباوم، أن الأفلام دائما ما تتفوق على الروايات في اجتذاب المشاهد على المستوى النقدي والأخلاقي. (تفتقر الأفلام عموما إلى الصوت الحازم الجلي الذي نجده في بعض الروايات، رغم أن ذلك لا يعد دوما عيبا بأي حال.) وحتى مع الأبعاد الإضافية أو الحيل التي تستخدمها السينما، يتفوق كثير من الروايات (كل الروايات العظيمة تقريبا) على الأفلام في جذب القارئ إلى عالمها، ودفعه إلى التركيز في سياق أخلاقي، داعمة إدراكه للتفاصيل المهمة (أحيانا عبر حجب معلومات معينة). رغم ذلك، فإن التقنيات المتنوعة المتاحة للسينما قد تؤدي بالفعل إلى خلق درجة من الانجذاب العاطفي والأخلاقي يعجز الأدب الروائي في كثير من الأحيان عن تحقيقها. يمكننا توسيع نطاق هذا النقاش ليتجاوز الأخلاقيات وفن الرواية. السينما قادرة على طرح بعض الآراء ووجهات النظر الفلسفية بطريقة أفضل، وبمزيد من الوضوح، مقارنة بالمؤلفات المكتوبة على اختلافها. وتلك الرؤية هي بالطبع ما نطلق عليه الفرضية المعتدلة حول العلاقة بين السينما والفلسفة.
في هذا الكتاب، سوف نفحص كثيرا من الأفلام، بعضها سيوضح أفكارا فلسفية، وبعضها سيعرض ظواهر تستدعي الاستقصاء الفلسفي، والبعض الآخر يشكل في حد ذاته موضوعات للتدقيق الفلسفي. وإلى جانب ذلك سنتناول أفلاما نرى أنها تستدعي تجارب افتراضية فلسفية، وأخرى قدمت تحريا دقيقا لموضوعات فلسفية عبر حشد رسائل تذكيرية قوية حول مختلف جوانب خبرتنا بالحياة وعبر استخلاص استنتاجات منها. في الفئة الثانية من الأفلام التي نعرضها سوف نتبع الفرضية المعتدلة؛ إذ نرى أن التجارب الافتراضية في بعض الأحيان (وليس دائما) تعرض في قالب سينمائي أفضل من عرضها في القالب المقتضب عن عمد والمنفصل عن أي سياق، الذي نألفه في الكتابة الفلسفية. ونعتقد أن السينما قادرة أحيانا على إجراء تحر دقيق لجوانب أصيلة من خبرتنا البشرية يتخطى الإنجازات المعتادة لدى النصوص الفلسفية المكتوبة، وبينما تفعل ذلك تدحض بقوة الطرق الجوفاء والمفرطة التبسيط لفهم الحياة.
الفلسفة السينمائية وقصد المؤلف
إذا كانت الأفلام تمارس الفلسفة، فمن الذي يتفلسف إذن؟ في كتاب «تأمل الشاشة: السينما كنوع من الفلسفة» (2007) يزعم توماس وارتنبيرج أن فيلم «إشراقة أبدية لعقل نظيف» (إتيرنال سنشاين أوف ذا سبوتليس مايند) (2004) للمخرج ميشيل جوندري يقدم نقدا دامغا للنفعية. يطرح وارتنبيرج هذا الزعم كجزء من محاولته الدفاع عن الادعاء بأن الأفلام تمارس الفلسفة فعليا؛ وفي حالة هذا الفيلم تمارس الفلسفة عبر طرح مثال مناقض قوي يستخدم تجربة افتراضية. وبينما يطور وارتنبيرج نموذجه، يفترض أن نشأة النفعية كرؤية أخلاقية معيارية كانت في إنجلترا أثناء القرن التاسع عشر، وروادها هما جون ستيوارت ميل وجيريمي بنثام. ويرى أن قصد صناع الفيلم هو محاولة تفنيد الرؤية النفعية عبر تقديم مثال مناقض. يعرض الفيلم هذا المثال المناقض عبر السرد تحديدا، لكنه يستعين أيضا بالصوت والتمثيل وحركة الكاميرا ... إلخ. يهتم وارتنبيرج بوجه خاص بإظهار أن هذا الاعتراض الفلسفي لم يفرضه فيلسوف ما (هو في هذه الحالة) فرضا على الفيلم وليس إسقاطا لرؤية فلسفية ما عليه، لكنه اعتراض متأصل في الفيلم قصده صناعه. وعلاوة على ذلك، لا يهم بوجه عام، من منظور وارتنبيرج، ما إذا كان صناع الفيلم يدركون فعليا أنهم يستهدفون الهجوم على نظرية فلسفية نموذجية في حقل الفلسفة الأخلاقية المعيارية تدعى النفعية أم لا. فيكفي أنه كان لديهم تصور ما للفكرة ذات الصلة وفهم جيد لمكمن الخطأ المحتمل فيها. (يجسد فيلم «إشراقة أبدية لعقل نظيف» قصة شخصين يخضعان لإجراء يمحو ذكريات علاقتهما العاطفية من وعيهما بعد انفصال مؤلم. يحدث الفيلم تأثيره عادة عندما ينال تأييد الجمهور لحقيقة كون هذه الفكرة في غاية السوء، وأن في الحياة أشياء أهم من تقليص الألم.)
5
تثير العلاقة بين نوايا صناع الأفلام والاستقصاء الفلسفي للأفلام عدة أسئلة. أحد الجوانب المثيرة للاهتمام في السينما، والذي يوجد أيضا في الأشكال الأخرى من الفن السردي (مثل الروايات)، هو أنها كثيرا ما تسمح لنا برؤية وتخمين أشياء تفوق بكثير ما انتواه صناعها. قد يتضمن الفيلم في ثناياه رؤية فلسفية ما دون أن يقصد المخرج أو الكاتب إظهارها، وأحيانا دون أن يعي، حتى إنه يعتنق تلك الرؤية، أو إنها مضمرة ضمن ما يعتنقه من آراء أخرى. وبعيدا عن دعم المخرج أو الكاتب صراحة لرؤية ما (وحتى مع وجود ذلك الدعم) لا بد من مراعاة الحرص عند عزو تلك الرؤى إليهم. فهل يدعم صناع الأفلام التي تصور أبطالا يطبقون العدالة بأنفسهم خارج إطار القانون - مثل مايكل وينر مخرج فيلم «أمنية الموت» (1974) ودون سيجل مخرج فيلم «هاري القذر» (ديرتي هاري) (1971) - الآراء التي يجسدها الممثلون بتلك الأفلام حول العدالة، حتى وإن أبدى الجمهور دعما جارفا لها؟ إن تلك الأفلام تقدم حججا (رديئة للغاية) لدعم تطبيق العدالة خارج إطار القانون بصرف النظر عن إجابة السؤال السابق.
অজানা পৃষ্ঠা