والمعروف أن استعمالها في الفن المسيحي كان نادرا في البداية؛ ولعل ذلك راجع إلى أصلها الوثني، ولكنها لم تلبث أن أصبحت شارة مقدسة في الكنيسة البيزنطية وكثر استعمالها في الفنون التصويرية المسيحية.
وانتقلت هذه الشارة إلى الفن الإسلامي في العصر العباسي على يد الفنانين المسيحيين الذين كانوا يعملون لخلفاء بغداد؛ فإنهم كانوا - ومعهم الفنانون المسلمون أيضا - يرونها في صور القديسين المسيحيين في الكتب البيزنطية المصورة التي كانوا يتخذونها مثالا ينسجون على منواله، ولم تقف هذه الهالة عند وادي الدجلة والفرات ، بل اتجهت شرقا فظهرت في مختلف الصور على التحف الإيرانية إلى القرن الثامن الهجري (الرابع عشر الميلادي)؛ على أن المسلمين بوجه عام كانوا يرسمونها في كثير من الأحيان حول رءوس الأشخاص، ولكن بدون نظر إلى معناها الأصلي.
وهكذا أصبحت في الفنون الإسلامية موضوعا زخرفيا فحسب، وقد يقصد بها التنبيه إلى خطر شأن الشخص الذي ترسم حول رأسه، وكان الفنانون المسلمون يرسمونها في البداية مستديرة أو شبه مستديرة؛ ولكنهم، بعد أن زاد اتصالهم بالفنون الصينية وعرفوا تماثيل بوذا في آسيا الوسطى أصبحوا يرسمونها أحيانا غير منتظمة الشكل فتبدو بيضية ولكن يمتد منها اللهب أو أشعة النور (انظر شكل
42 )؛ ولا غرو فإنها كانت قد تطورت في الشرق الأوسط، وبعدت في بعض الأحيان عن شكلها المستدير.
ومهما يكن من الأمر فقد ترك المسلمون استعمالها فترة من الزمان، حتى عادت إلى الهند على يد الآباء اليسوعيين البرتغاليين الذين حملوا إلى تلك البلاد صورا مسيحية كثيرة، أعجب الإمبراطور جهانكير بالهالة المقدسة فيها، فاتخذها شارة تميز صورة الإمبراطور من سائر الصور، وأصبحت من بعده وقفا على صور الأباطرة في رسوم المدرسة الهندية المغولية.
61 (15) الأختام الصينية المربعة والخط الكوفي المستطيل
أعجب الفنانون الإيرانيون برسوم الأختام الصينية وما عليها من كتابات زخرفية الشكل. وربما كان ذلك أساس ابتكارهم كتابة الخط الكوفي المستطيل ذي الأضلاع، وترتيبه في مساحات مربعة ومستطيلة بحيث يبدو عظيم الشبه بتلك الكتابات الزخرفية الصينية. وقد ذاع استخدام الخط الكوفي المستطيل في زخرفة العمائر بين القرنين السابع والحادي عشر بعد الهجرة
62 (الثالث عشر والسابع عشر بعد الميلاد). (16) أشكال الأواني
يستطيع الإخصائيون في الفنون الإسلامية أن يتبينوا في أشكال بعض الأواني الخزفية الإسلامية تأثرا بالأشكال التي اختصت بها فنون الصين. ويزداد الشبه بين أشكال الأواني في الشرقين الأقصى والأدنى إبان العصر الصفوي في إيران. على أننا نرى رسوم كثير من الأواني الصينية في الصور الإيرانية التي ترجع إلى عصر المغول.
وفضلا عن ذلك فإن الأواني التي صنعت من المعادن - في العالم الإسلامي - على هيئة طيور وحيوانات، لها مثيلاتها في الشرق الأقصى. والحق أن صنع الإناء أو المبخرة أو صنبور الإبريق على شكل طائر أو حيوان كان أمرا ذائعا في العصور الوسطى. ولعل بدايته كانت في الشرقين الأقصى والأوسط، ثم انتقل منها إلى الشرق الأدنى وإلى أوروبا.
অজানা পৃষ্ঠা