الكرامة الرابعة: مارواه الفقيه العلامة، الأكمل، الأفضل يحيى بن محمد العمراني، وكان أخص إخوانه عنده، وقف معه بالحيمة بالمغرب سنينا الشتاء، وكان يقف في مسجد جدور بالحيمة، ونفقته عند أحب إخوانه إليه هذا فيروي عنه كرامات، منها: أن بعض إخوان الفقيه عول عليه أن تكون (نفقته)(2) إبراهيم معه مديدة يسيرة فاستحيا منه، فاختلفت النفقة فتغير حال الفقيه، وأصابته وحشة عظيمة، وما ساغ له (الطعام) (3) الذي يؤتى به، فوافق الفقيه يحيى، وأخبروه بالقصة وودعه ليرتحل فشق ذلك عليه، وقال: إني استحييت من ذلك الصاحب وأنا أعرفه كثير الصلاح والعفة والدين والتحرز في إخراج الزكاة وغيرها فوقف واستمرت نفقته من بيت أحب الناس إليه الفقيه المذكور، فبحث (الفقيه)(4) يحيى عن سبب عدم إساغة (الفقيه)(5) إبراهيم للطعام ونفرته عنه فتيقن أن الذي كان يحمل نفقته إلى هذا المسجد الخالي في القفر الموحش ابن أخ لهذا الرجل يتيما فعرف كرامة الفقيه إبراهيم-أعاد الله من بركاته- ومنها أنها نفرت نفسه أياما فيما يأتيه من النفقة وتركها، وبقرب هذا المسجد شجرات عالية فيأتي وتحتها من أطايب الفواكه التين والبلس، وقد انحط عن الشجر العالي إلى الأرض فيأكل منه رغبته ويدع الباقي، ومنها: أنه قال صالح وتلميذه علي بن أحمد بن همدان، قال: روى لي إبراهيم بهذه الكرامة، ورواها السيد الهادي أيضا أن نفسه اشتهت شحما ولحما، فإذا بربعة مملوءة من الشحم واللحم النضيج طرحت إليه من طاقة عالية في المسجد وتركت بين يديه غير مفتوحة، وسأل صالح هل وصلت لي بربعة فيها شحم ولحم ؟ قال: إنا في المغرب لا نعرف الثرب فيها ولا يذبح (فيها) (1) إلا، الماعز، والضأن معدوم في المغرب(بالمرة) (2)، ومنها مرضى شفيوا ببركة دعائه، ووضع يده عليهم عدة، وتتابع بركات وثمرات في وقوفه معهم في ذلك المسجد المبارك مالا يمكن شرحه، لكثرته وميلي إلى الاختصار إلا للأهم المستفيض.
الكرامة الخامسة: مارويت عنه رحمه الله تعالى(3)، أنه قال: كنت في حصن (المصاقر)(4) ببلاد مدحج فجيء بعصيدة حسنة بمحضر القاضي حسن بن (سليمان)(5)، وعدة من الأفاضل الزاهدين فعولوا علي في الإفطار فساعدتهم رغبة في إدخال المسرة عليهم فذكرنا اسم الله ومدوا أيديهم إلى الطعام وأردت أمد يدي لآكل معهم فما امتدت (يدي)(6) أبدا بل كأنها عود يابس فقمت، وقلت: ترجح لي إتمام (الصيام) (7)، وبحثت عن تلك العصيدة فقيل: إن أصل عملها لمتولي أمر كان معنا في الحضرة، وكان (تلك)(8) ابتداء هذا اللطف لي في كل شيء فيه شك وغصب، وقد كنا إذا جيء له بطعام ولم يتناول منه شيئا عرفنا أن فيه مافيه إلى وقت لقائه لربه.
পৃষ্ঠা ২৩৭