শিউচিয়া ও ইনসানিয়া
الشيوعية والإنسانية في شريعة الإسلام
জনগুলি
ف «برودون» كان عنده سخيفا مسوغا للسرقة والملكية بأسلوبه، عاجزا عن تفنيدهما بأسانيده وبراهينه، و«كارل جرون» دخيل على الحركة، مستغل لأفكارها المبتكرة في سبيل العيش والمجاملة، و«ليبكنخت» خائن لزعامته، ملفق لآرائه، منتفع باسمه على الرغم منه، و«لاسال» - صاحب الفضل عليه في التعاقد مع «دنكر» - زنجي بدم الوراثة، متهم الجدات والأمهات بالفسوق الذي تشهد به ملامح وجهه وسيماه.
وصهراه «لونجويه» و«لافارج» خالفاه ولم يتبعا خطاه، فكتب إلى «إنجلز» يلعنهما، ويقول عن الأول: إنه خليفة «برودون» وعن الثاني إنه خليفة «باكونين»، وإلى الشيطان فليذهبا معا ملعونين مدحورين!
و«باكونين» - كما تقدم - جاسوس مختلس بغير بينة، بل على نقيض البينة. ولا يكف عن الكيد له حتى يصدر الحكم عليه من لجنته بالفصل من زمرة الاشتراكيين.
كلهم هكذا بغير استثناء.
أنقول بغير استثناء؟ نعم بغير استثناء، إلا استثناء واحدا دل على خسة هذه الطبيعة المدخولة من كل خسة تشهد بها ضغائنه ومفترياته، لأن هذا الاستثناء الواحد في جميع حياته، وبين جميع أبناء عصره، هو استثناء الحاجة على الرغم وقلة الحيلة.
كان «إنجلز» دون غيره من المخلوقات البشرية، ومن العاملين على نشر الدعوة الاشتراكية قبل غيرهم، هو الاستثناء الوحيد من حملات المذمة والضغينة؛ لأنه يعول «ماركس» وينفق عليه وعلى أسرته، ويتكفل بسداد ديونه وتنظيم شئونه، فهو جريء بالذم والاتهام على جميع خلق الله حين يأمن الضرر والخسارة، ولكنه يحسن الأدب - على رغم - حين يلجئه الكسل والفضول إلى قبول الإحسان أياما وشهورا وأعواما بغير انتهاء. فلا سخافة هنا، ولا خيانة، ولا عقلية برجوازية أو رعاعية، ولكنها العصمة كلها من جميع النقائص والأخطاء، ولا يسلم من هذه الضغينة ناجح في نشر الدعوة، وإن لم يكن من الزعماء المنافسين لصاحب المذهب وإمام المادية التاريخية. ولو كان في صدر «ماركس» متسع لقبول عمل العاملين، لكان أحرى الناس أن يتقبل منهم العمل على نشر الدعوة طائفة الصناع أو «الصعاليك» المنذورين لقيادة المجتمع الحديث، وإقامة النظام الاجتماعي الخالد على الزمن إلى غير انتهاء. ولكن واحدا من هؤلاء جاوز حده واغتر بثناء الزعماء عليه، فراح حيث ذهب إلى البلاد الألمانية يحرض عمالها على الإضراب، واشتهر من ثمة بينهم باسم زعيم العمال الألمان. فحاقت به اللعنة من جراء هذا الجهد الناجح، وسيق إلى مجلس المحاكمة لسؤاله عن جنايته على شرذمة العمال الذين حرمهم الشغل والخبز بتحريضه إياهم على مطالبة أصحاب المصانع بزيادة الأجور، كأنما كان في الوسع أن يقدم العمال على الإضراب بغير مجازفة تعرض أناسا منهم للبطالة أو ترك العمل إلى حين، وكأنما قامت الشيوعية على ذريعة لتحقيق مبادئها غير هذه الذريعة في جميع دعايتها، وهي التي أنكرت الوسائل الدستورية في المطالبة بحقوق الطبقة العاملة، ووصفت من يعتمد عليها بخيانة هذه الطبقة وتضليلها عن الهدف الوحيد الذي لا محيد عنه لكل إصلاح جدير بالعناء من طلاب الإصلاح المخلصين. •••
ونعرض بشيء من التفصيل لقصته مع العامل المغضوب عليه؛ لأنها أغرب من قصصه مع «برودون» و«جرون» و«باكونين» وأشباههم من أعلام النابهين الذين يناظرونه ويناظرهم وينفس عليهم شهرتهم ورواج آرائهم، فلو كانت في هذه النفس طوية من المروءة تطيق نجاح أحد في نشر الدعوة الاشتراكية لكانت خليقة أن تطيق ذلك العامل، ولو من قبيل المثال لما يبشرون به من دولة العمال، ولكنه غشم في الطبع لا يستريح لغير النقمة والحسد، ولا يغتفر الوزر لمن يعترض لنقمته وحسده. وقد نجح العامل المغضوب عليه، فما زال به زعيم المذهب حتى ساقه إلى المحاكمة، وعومل في زمرته بغشم لا يحمدونه ولا يحمده أحد لأسوأ مجتمعات الاستغلال والاستبداد، ومن أجل استبداد هذه المجتمعات واستغلالها كانوا يثيرون الثائرة ويقيمون القيامة كما يقولون.
يسمى العامل المطرود من الزمرة الماركسية «ولهلم ويتلنج» ولا يعلم له اسم أب معروف؛ لأنه تربى في حجر غسالة ألمانية حملت به سفاحا من ضابط في جيش نابليون، لم يلبث أن هجرها وهجر الطفل فكبر بين لداته وهو يعلم أنه ابن سفاح ويمقت الجيش والجندية، وحان موعد تجنيده فهرب من الحي وتعود في مخابئه أن يطيل القراءة فيما اتفق له من الكتب والنشرات.
وكان يأوي منذ صباه إلى طرزي يتعلم منه صناعته، فجعل يعاود هذه حتى أتقن منها ما يحصل به على بعض الأجر ولا يكاد يستقل به عن أصحاب الدكاكين، وزين له الغرور في السابعة والعشرين أن يجرب صناعة التأليف فكتب رسالة عن «الإنسانية كما هي وما ينبغي أن تكون». وزج بنفسه بين أتباع «بابوف» الداعية الفرنسي الذي ثار على الثورة؛ لأنها لم تذهب إلى المدى الذي كان ينبغي أن تذهب إليه، ولم تبدأ بالمساواة الاقتصادية قناعة منها بالمساواة السياسية، وصودرت صحفه ومنشوراته، فألف جماعته السرية، وانكشف أمره بوشاية واحد من هذه الجماعة فقضى عليه بالموت بعد محاكمة طويلة (1760-1797م)، ولكنه ترك بعده شيعة أمينة لدعوته؛ لم تزل بين تبديد وتجديد حتى انتمى إليها «ويتلنج» مع طائفة من الألمان الذين هجروا بلادهم فرارا من الاضطهاد، ولجأ «ويتلنج» نفسه إلى الفرار بعد حين من فرنسا إلى سويسرا، فقضي عليه هناك بالسجن؛ لأنه كتب فيها رسالة يشبه فيها نفسه بالسيد المسيح؛ لأنه صانع فقير يبشر بالاشتراكية ولا ينتمي إلى نسب من بني الإنسان.
ثم امتزجت حركة «بابوف» بحركة الاشتراكيين والماركسيين، فانتمى «ويتلنج» إليها وألف كتابا سماه «ضمانات الوئام والحرية» قرظه «ماركس» وقال: إنه باكورة رائعة من بواكير الطبقة الألمانية العاملة، وزكاه آمنا عواقب هذه التزكية؛ لأن أحدا من الناس لم يكن ليأخذ هذه البواكير مأخذ الجد في عالم التأليف!
অজানা পৃষ্ঠা