শিউচিয়া ও ইনসানিয়া
الشيوعية والإنسانية في شريعة الإسلام
জনগুলি
الذي أراد بإحصائه في الحقيقة أن ينقذ المذهب من الضياع، فأثبت أن أصحاب الموارد المتوسطة يزدادون مع تقدم الصناعة الكبرى، واعتقد أن توزيع الثروة في نطاق واسع هو السبيل إلى اللامركزية التي خفيت «كارل ماركس»، وأن انقراض الطبقة الوسطى لا يحقق اللامركزية الموعودة، بل يحققها انتشار الثروة بين جميع الطبقات.
ولم يكن خطأ «كارل ماركس» في هذه المسألة الأساسية خطأ النقص في الإحصاءات التي يجهلها، ولكنه كان خطأ الهوى والتعنت أمام الواقع الذي لا يريد أن يراه؛ لأنه لا يوافق هواه، وكان كذلك خطأ القصور في الإدراك والتقدير الصحيح الميسور لمن يحسن التقدير، ولو لم تكن لديه أرقام ولا سجلات إحصاء.
كان رأس مال الصناعة في مبدأ أمره محصورا في أيدي أصحاب المصانع المعدودين، وكان صاحب المصنع الكبير واحدا أو اثنين من أسرة واحدة، أو كانوا ينتمون إلى أسرات قليلة مشتركة في رءوس الأموال.
ولكن هذه الحالة أخذت في التغير على أيام «كارل ماركس» وقبل إتمام كتابه، فظهرت الشركات المساهمة وكثر المشتركون فيها بالأسهم الكثيرة أو القليلة، وكان على «كارل ماركس» أن يفهم أن رءوس الأموال تتوسع على هذا النحو ولا تنحصر في أيد معدودة كما اعتقد أو أراد، وأن انقراض الطبقة الوسطى ليس بالأمر المحتوم على هذا التقدير، وأن اليوم الذي يشترك فيه العمال أنفسهم في رءوس الأموال غير بعيد، وأن النبوءة عن هذه النتيجة كانت على متناول يديه لو أنها توافق هواه، ولكنه أهملها ليبحث عن النبوءات التي توافق ذلك الهوى الدفين، وكله من هوى التخريب والعدوان.
ولقد كانت الثورة الروسية بعد الحرب العالمية الأولى أكبر معول ولا ريب في أساس الاشتراكية العلمية كما شرحها صاحبها ومريدوه.
كانت نبوءات «كارل ماركس» تقضي بقيام الشيوعية في البلاد التي بلغت بالصناعة الكبرى غاية أشواطها، فإذا بالشيوعية تقوم في البلاد التي لم تعرف من الصناعة الكبرى غير خطواتها الأولى، وإذا بهذه القاعدة تسري على البلاد المتأخرة فلا تقوم للشيوعية قائمة في غيرها، ولو إلى حين.
وكان من لوازم الاشتراكية المادية أو الاشتراكية العلمية أن تكون الصناعة الكبرى هي التي تخلق النظام السياسي وتمهد له بانتهاء الصناعة الكبرى إلى نهايتها، فإذا بالنظام السياسي هو الذي يخلق الصناعة الكبرى في البلاد الروسية وغيرها من البلاد التي تقتدي بثورتها.
وكان «كارل ماركس» يحكم على الصناعة كما رآها في زمانه، وكانت هذه الصناعة من البساطة بحيث تستولي عليها الأيدي العاملة وتحسن إدارتها، فإذا بالصناعة تتعقد وتتصعب وتتشعب حتى تتعذر إدارتها على غير الخبراء في علوم المكنات وعلوم الكيمياء، وعلوم الاقتصاد، وما يقترن بهذه العلوم جميعا من المعارف النفسية والمعارف السياسية أو التاريخية، وإذا بطبقة أخرى غير طبقة الأيدي العاملة تستولي على وسائل الإنتاج، وتبلغ من التحكم فيها ما لم يبلغ أصحاب رءوس الأموال.
وانتهت التجارب العملية بعد أربعين سنة، إلى وجهة مختلفة تبتعد شيئا فشيئا من الوجهة التي تحراها «كارل ماركس» ومريدوه، ومن النبوءات المحتومة التي بلغ القوم من التشبث بحروفها في دعواهم ما لم يبلغه عباد النبوءات الأقدمون.
انتهت التجارب العملية إلى إباحة الملكية الفردية على صورة من الصور، وإلى السماح بالتفاوت الكبير بين الأجور، وإلى حكومة مطلقة تدوم أربعين سنة، وتستبد بالعمال بدلا من استبداد العمال بها دون طبقة المنتجين والمديرين.
অজানা পৃষ্ঠা