فهز الأستاذ رأسه وتمتم، وهو يقلب الأصل الفارسي وقال: «رغيف الخبز: موجود، وزق الخمر: مذكور، وأنت في صحبتي: صحيحة، لكنك حذفت جزءا مهما من رباعية الخيام؛ فقد ذكر عمر إلى جانب هذه الأشياء فخذا من الضأن. على كل حال، هل فرغت من ترجمة القصيدة كلها؟» - نعم، فأين أرسلها؟ - ابعث بها إلى الصحيفة الأدبية الفلانية، وسأكتب للمحرر خطابا أوصيه بك خيرا.
مضى عام كامل والصحيفة الأدبية لم تنشر للشاعر قصيدته؛ فأرسل إليها الشاعر خطابا شديد اللهجة يطلب أن ترد له قصيدته التي أسرى فيها روحا من روحه، فدار حديث بين رئيس التحرير ومساعده.
رئيس التحرير: ابحث لي عن قصيدة هذا الرجل بين أوراقك، فإن وجدتها أعدها إليه مصحوبة بخطاب اعتذار.
مساعد التحرير: ما عنوانها؟
رئيس التحرير: هي قصيدة صينية أو هندية لست أذكر، وعنوانها غريب لا أستطيع نطقه. فهاك خطاب الرجل فاقرأه، اعتذر له بخطاب؛ لأنه صديق لأستاذ الفارسية في أكسفورد.
مساعد التحرير: ها هي ذي.
رئيس التحرير: اقرأ لي منها سطرا أو سطرين من أي موضع شئت.
مساعد التحرير: ها هنا في ظل هذى الغصون، رغيف الخبز في يدي. وزق الخمر، وديوان الشعر، ثم أنت في صحبتي.
رئيس التحرير: ما رأيك في شاعر يذكر الخمر في شعره؟
مساعد التحرير: هذا فحش يا سيدي لا نرضاه لقرائنا. ثم اسمع يا سيدي لهذا الشاب المستهتر يمضي في قصيدته، فيصف لنا جماعة من مدمني الشراب قد أنفقت سواد ليلها أمام الحان، حتى إذا ما تنفس الصبح راحوا يخبطون الباب لصاحب الحان؛ كي يفتح لهم ليواصلوا شرابهم، فالحياة قصيرة، ومن يمضي عنها لا يعود. واسمعه ها هنا يجادل العلماء في الفلسفة والدين، فلا يفهم عنهم شيئا؛ لأنه مخمور، فينادي بمزيد من الخمر؛ ليغرق جهله في حبابها. لا يا سيدي، لا، كان الله في عوننا من شباب هذا الجيل!
অজানা পৃষ্ঠা