قَوْلهم غَنِي فَهُوَ غَنِي وَلَا حَاجَة بِنَا إِلَى حمله على الشذوذ وَقَوْلهمْ للمستقيم مَا أقومه فقد حملوه على قَوْلهم شَيْء قويم أَي مُسْتَقِيم وَقَامَ بِمَعْنى استقام صَحِيح قَالَ الراجز
(وَقَامَ ميزَان النَّهَار فاعتدل ...)
وَيَقُولُونَ دِينَار قَائِم إِذا لم يزدْ على مِثْقَال وَلم ينقص وَذَلِكَ لِاسْتِقَامَةِ فِيهِ فعلى هَذَا الْوَجْه مَا أقومه غير شَاذ
وَقَوْلهمْ للمتمكن عِنْد الْأَمِير مَا أمكنه إِنَّمَا هُوَ من قَوْلهم فلَان عِنْد الْأَمِير مكين وَله مكانة أَي منزلَة فَلَمَّا رَأَوْا المكانة وَهِي من مصَادر فعل بِضَم الْعين وسمعوا المكين وَهُوَ من نعوت هَذَا الْبَاب نَحْو كرم فَهُوَ كريم وَشرف فَهُوَ شرِيف توهموا أَنه من مكن مَكَانَهُ فَهُوَ مكين مثل متن متانة فَهُوَ متين فَقَالُوا مَا أمكنه وَلَيْسَ توهمهم هَذَا بأغرب من توهم الْمِيم فِي التَّمَكُّن والإمكان والمكانة وَالْمَكَان وَمَا اشتق مِنْهَا أَصْلِيَّة وَجَمِيع هَذَا من الْكَوْن وَهَذَا كَأَنَّهُمْ توهموا الْمِيم فِي الْمِسْكِين أَصْلِيَّة فَقَالُوا تمسكن وَلِهَذَا نَظَائِر
وَقَوْلهمْ مَا أصوبه على لُغَة من يَقُول صاب وَلم يزِيدُوا على هَذَا فقد جَاءَ فِي الْمثل مَعَ الخواطيء سهم صائب لِأَن صاب اسْم فَاعله صائب وَكَانَ من حَقهم أَن لَا يَقُولُوا مَا أصوبه بل يَقُولُونَ مَا أصيبه وَقَوْلهمْ مَا أخطأه فبعض الْعَرَب تَقول خطئت بِمَعْنى أَخْطَأت كَمَا تقدم وَقَوْلهمْ مَا أشغله لَا ريب فِي شذوذه لِأَنَّهُ إِن حمل على الِاشْتِغَال كَانَ شاذا وَإِن حمل على أَنه من الْمَفْعُول فَكَذَلِك وَقَوْلهمْ مَا أزهاه من زهي فَهُوَ مزهو قَالَ ابْن
1 / 56