وإذا تأملت في شعر رفاعة رافع الذي نقلنا طرفا منه وجدت فيه تقدما نسبيا إذا قارنته بأسلوب شعراء المدرسة القديمة التي سبقته، كالشبراوي والعطار والخشاب وغيرهم، ويعد شعره دور الانتقال إلى دولة الشعر الحديثة التي حمل لواءها البارودي، وإسماعيل صبري، وشوقي، وحافظ.
حقا إننا إذا وضعناه إلى جانب شعر شوقي مثلا، لجاء في المرتبة الثالثة، أو الرابعة، ولكن يجب ألا ننسى أن رفاعة رافع نشأ في عصر كانت اللغة العربية وآدابها في دور تأخرها واضمحلالها، فله على نهضة الشعر والأدب فضل لا ينكر.
عبد الله نديم
1845-1896
ظل الشعر في مصر بعد وفاة رفاعة رافع الطهطاوي خلوا من المعاني الوطنية، إلى أن تجددت في شعر عبد الله نديم.
هو خطيب الثورة العرابية، وهو أيضا شاعرها، انطبعت في خطبه وقصائده روح الوطنية المتدفقة، وروح الثورة.
ولد سنة 1845 بالإسكندرية، وبدت عليه منذ صباه مخايل الذكاء اللامع، وظهرت مواهبه في الترسل في الكتابة والشعر والزجل، والقدرة الخطابية، مع خفة في الروح، وميل إلى الفكاهة، وجرأة وإقدام، واستخفاف بأحداث الزمان.
ولما ظهرت الثورة العرابية أوائل 1881، انضم إليها بطبعه؛ إذ كانت نفسه تتأجج وطنية، وتتطلع إلى الحرية والمجد، وتجلت مواهبه الخطابية، فصار خطيب الثورة العرابية.
ومما يذكر عنه في صدد الحديث عن شعره الوطني أنه لما سافر الألاي السوداني الذي كان يقوده الأميرالاي عبد العال حلمي أحد زعماء الثورة من القاهرة إلى دمياط، في أوائل أكتوبر سنة 1881، كان سفره يوما مشهودا، فاحتشدت الجموع في محطة العاصمة لتحية الألاي حين سفره، وكان من بين المودعين عرابي والبارودي وعبد الله نديم، فوقف النديم وسط هذا الجمع الحاشد وألقى خطبة حماسية فياضة، بدأها بقوله مخاطبا رجال الجيش:
حماة البلاد وفرسانها!
অজানা পৃষ্ঠা