وأدرك بهجت أن أباه يريد أن يقنع أمه على انفراد، فقال: أقوم أنا لأستريح قليلا. - على راحتك يا ابني.
وحين خلا المكان بالزوجين الكبيرين قال الحاج سعيد: ماذا جرى لك يا حاجة؟ - أنا التي أسأل: ماذا جرى لك أنت؟ - أكنت تحلمين أن يتزوج ابنك بنت كمال باشا وجدي؟ - أكبر منه وأرملة أيضا. - وإن لم تكن كذلك فلماذا تقبله؟ شاب في أول حياته، لولا أبوها لكان حتى اليوم بلا وظيفة، وثروتي مهما كانت فهي على قد بلدتنا. أما نحن في الحقيقة إلى جانب ثراء كريمة هانم وأمثالها فنعتبر شحاذين، فبالله عليك إن لم تكن أرملة وأكبر منه فلماذا تقبله يا حاجة؟ ... الدنيا أخذ وعطاء. - كنت أريد أن أفرح به. - وماذا يمنعك؟ افرحي على آخر ما عندك، وعندما نعود من مصر اجعلي كل أهل البلدة يملأن الأجواء بالزغاريد.
وتزوج بهجت من كريمة، وعاش معها في بيتها بمصر الجديدة، وقابل أعضاء الأسرة نبأ زواج كريمة في غير رضى ولا استنكار.
وقال حمدي: كان لا بد لها أن تتزوج، فليكن زواجها ممن نعرفه؛ فهو أحسن من الذي لا نعرفه.
أما الأم فلم تعلق بشيء، وكذلك فعل وحيد والأختان ...
الفصل العاشر
صدر قرار بأن يعين وحيد سكرتيرا أول بسفارة مصر في ألمانيا الشرقية ، التي كانت تسمى بألمانيا الديمقراطية، وراح هو وزوجته يعدان العدة للسفر الذي كان محددا له وقت قريب من صدور القرار.
وقالت سعدية لزوجها: وماذا سنعمل مع الأولاد؟ - ماذا تقصدين؟ - هل ستقبل المربية التي تعمل عندنا أن تذهب معنا؟ - وإذا قبلت هي فلماذا نقبل نحن؟ إنها إن ذهبت إلى هناك فلن تعرف شيئا عن البلد، وستكون عبئا علينا. - إذن ماذا تنوي أن تفعل؟ - أليس هناك أطفال لهم مربيات؟ - ربما تكون أجورهن مرتفعة. - ربنا يعين. توكلي على الله. - كل على الله.
حين عرف حمدي باضطرار وحيد للسفر حزم أمره أن ينفذ ما استقر عليه رأيه، وطلب من جميع أفراد الأسرة أن تجتمع بالبيت الكبير ولبوا كلهم طلبه، وكان بهجت طبعا من الأعضاء المجتمعين فهو زوج الأخت الكبيرة، وقال حمدي: أنتم تعرفون أن الباقي من ثروة الباشا بعد الذي وزعه على بناته هو أسهمه في الشركات التي كان يشغل فيها وظيفة عضو مجلس الإدارة، وهذه الأسهم، إذا توفي الباشا لا قدر الله، ستكون رقما كبيرا، وستكون ضريبة التركات عليه كبيرة. والضريبة أمرها سهل، إنما الذي لا شك فيه أن جميع الأقارب المستحقين سيرثون أنصبتهم في الأسهم.
وقالت الأم: وأنا أيضا لي أسهم. - أعرف ذلك. - وماذا ترى؟ - تبيعين حضرتك أسهمك، وتحتفظين بأموالها سائلة مؤقتا، ونبيع للباشا أسهمه وأسهمكم وهو على قيد الحياة، وتنالين حضرتك الثمن من ثمنها، ويقسم الباقي بالتساوي بين بناته الثلاث.
অজানা পৃষ্ঠা