المسح، ولما قلناه في تأويل ذلك أنه معنيّ به عموم مسح الرجلين بالماء؛ كره من كره للمتوضئ إدخال رجليه في الماء، دون مسحهما باليد، أو بما قام مقام اليد)، ثم نسب إنكار ذلك أي: إدخالهما في الماء مع عدم مسحهما باليد إلى ابن عمر، وأسند عن ابن طاوس أنه سئل عن ذلك فقال: ما أعد ذلك طائلًا، يعني أنه لا يراه يجزئه حتى يمسحهما بيده، مع إدخالهما في الماء ثم قال: (وأجاز ذلك من أجازه يعني إدخالهما في الماء، بدون إمرار اليد توجيهًا منه إلى أنه معنيّ به الغسل)، ونسبه إلى الحسن البصري، ثم قال ﵀ وإيانا-: (فإذا كان في المسح المعنيان اللذان وصفنا من عموم الرجلين بالماء، وخصوص بعضهما، وكان صحيحًا بالأدلة الدالة التي سنذكرها بعد، أن المراد في الآية من مسحهما العموم، وكان لعمومهما بذلك معنى الغسل والمسح، تبيّن صواب القراءتين أعني النصب، والخفض في الأرجل؛ لأن في عموم الرجلين بمسحهما بالماء غسلهما، وفي إمرار اليد، أو ما قام مقام اليد عليهما مسحهما، فوجه قراءة من قرأ ذلك نصبًا لما في ذلك من معنى عمومهما بإمرار الماء عليهما، ووجه صواب من قرأ ذلك خفضًا لما وصف من جمع المسح المعنيين اللذين وصفت، ولأنه بعد قوله ﴿وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ﴾) ثم ذكر -رحمه الله تعالى-: أن الدليل على وجوب التعميم بالماء قوله ﷺ: "ويل للأعقاب من النار".
قال: (فلو كان المسح لبعض القدم مجزئًا عن عمومها بذلك لما كان لها الويل بترك ما ترك مسحه بالماء) اهـ. فانظر -رحمك الله- ما أبعد هذا مما ينسب إلى هذا العالم الجليل؛ فإنه لا يجزئ عنده الماء إلا بالمسح باليد مع الماء، وهذا معنى الدلك عند المالكية.
قلت: ويشبه أن يكون ما نسب إلى داود، والناصر للحق: من الجمع بين الأمرين هو معنى قوله ﵀ من الجمع بين الغسل بالماء، مع إمرار اليد، وهكذا ما روى هو، وغيره عن موسى بن أنس أنَّ أباه كان إذا مسح الرجلين بلّهما بالماء، والله تعالى أعلم.
ثم ذكر -رحمه الله تعالى- حديث أوس بن أبي أوس قال: "رأيت رسول الله ﷺ توضأ، ومسح على نعليه، ثم قام فصلى"، والرواية الثانية عن أوس: "رأيت رسول الله ﷺ أتى سباطة قوم فتوضأ، ومسح على قدميه" ثم