والمتقدم والمتأخر يعد الزمان على الوجه الثاني ، أى بأنه جزوه ، ويحصل (1) جزأيه بوجود الآن ، ولأن المتقدم والمتأخر أجزاء (2) الزمان ، وكل جزء منه (3) من شأنه الانقسام كأجزاء الخط ، فالآن أولى بالوحدة ، والوحدة (4) أولى بالتعديد ، فالآن يعد على الجهة التي تعد النقطة ولا ينقسم ، والحركة (5) تعد الزمان بأن يوجد المتقدم والمتأخر بسبب المسافة ، فبمقدار (6) الحركة يكون عدد المتقدم والمتأخر ، فالحركة تعد الزمان (7) على أنها توجد عدد الزمان وهو المتقدم والمتأخر ، والزمان يعد الحركة بأنه عدد لها نفسها (8). مثال هذا أن الناس لوجودهم هم (9) أسباب وجود عددهم الذي هو مثلا عشرة (10)، ولوجودهم (11) وجدت عشريتهم ، والعشرية جعلت الناس لا موجودين وأشياء (12)، بل معدودين (13)، أى ذوى عدد. والنفس إذا عدت الناس كان المعدود ليس هو طبيعة الإنسان ، بل العشرية (14) التي حصلها افتراق طبيعة الإنسان مثلا فالنفس بالإنسان (15) تعد العشرية (16)، فكذلك الحركة (17) بعد الزمان على المعنى المذكور. ولو لا الحركة بما يفعل فى المسافة من حدود التقدم والتأخر لما وجد للزمان (18) عدد ، لكن الزمان يقدر (19) الحركة ، والحركة تقدر الزمان. والزمان يقدر الحركة على وجهين : أحدهما أنه يجعلها ذا قدر ، والثاني أنه يدل على كمية قدرها والحركة تقدر الزمان على أنها تدل (20) على قدره بما يوجد فيه من المتقدم والمتأخر (21)، وبين الأمرين فرق. أما الدلالة على القدرة فتارة تكون (22) مثل (23) ما يدل المكيال على الكيل ، وتارة تكون مثل ما يدل الكيل على المكيال. ، وكذلك (24) تارة تدل المسافة على قدر الحركة ، وتارة الحركة على قدر المسافة ، فيقال تارة مسيرة فرسخين ، وتارة مسافة رمية. لكن الذي يعطى المقدار للآخر هو أحدهما ، وهو الذي هو بذاته (25) قدر. ولأن الزمان متصل فى جوهره صلح (26)، أن يقال طويل وقصير ولأنه عدد بالقياس إلى المتقدم والمتأخر على ما أوضحناه صلح (27) أن يقال : قليل وكثير. وكذلك الحركة فإنها يعرض لها اتصال وانفصال ، فيقال (28) عليها خواص المتصل وخواص المنفصل ، لكن يعرض ذلك لها من غيرها ، والذي (29) هو (30) أخص بها السريع والبطيء ، فقد دللنا على نحو وجود الآن بالفعل إن كان له وجود بالفعل ، وعلى نحو وجوده بالقوة.
পৃষ্ঠা ১৬৫