ثم فارقه وبطل عنها العدم ، فهو أمر ليس ييسر (1) لنا عن قريب بيان ذلك ، بل يجب أن نضعه للطبيعى (2) وضعا ونقنعه بالاستقراء ونبرهن عليه فى الفلسفة الأولى (3).
ووبما قامت (4) صناعة الجدل فى إفادة نفس المتعلم طرفا صالحا من السكون إليه (5). إلا أن الصنائع البرهانية لا تخلط بالجدل. فالجسم له من المبادئ التي ليست مفارقة له ولما فيه بالقوام ، وإياها (6) نخص باسم المبادئ. أما من حيث أنه (7) جسم مطلقا فالهيولى والصورة الجسمية المذكورة التي يلزمها الكميات العرضية أو الصورة (8) النوعية التي تكمله ، وأما (9) من حيث هو متغير أو مستكمل أو كائن فقد زيد له نسبة (10) العدم (11) المقارن (12) لهيولاه قبل كونه ويكون مبدأ على ما قيل. فإن أخذنا ما يعم المتغير والمستكمل والكائن كانت المبادئ هيولى وهيأة وعدما (13)، وإن خصصنا المتغير كانت المبادئ (14) هيولى ومضادة. فإن المتوسط إنما يتغير عنه وإليه من حيث فيه ضدية ما ، ويشبه أن يكون الفرق بين المضادة والهيئة والعدم مما قد عرفته ، ويحصل لك بما علمت (15). والجوهر من حيث هو جوهر فهيئة (16) صورة ، وقد عرفناك الفرق بين الصورة والعرض. وأما المتغيرات والمستكملات لا فى الجوهرية فهيئاتها عرض ، وقد جرت العادة أن تسمى كل هيئة فى هذا الموضع صورة. فلنسم كل هيئة صورة ونعنى ونعنى به كل أمر يحدث (17) فى قابل يصير له موصوفا بصفة مخصوصة ، والهيولى تفارق كل واحد منهما بأن (18) توجد مع كل واحد منهما بحالها (19)، والصورة تفارق العدم بأن الصورة ماهية (20) بنفسها زائدة الوجود على الوجود الذي للهيولى ، والعدم لا يزيد وجودا على الوجود الذي للهيولى (21)، بل تصحبه حال مقايسته إلى هذه الصورة إذا لم تكن موجودة ، وكانت القوة على قبولها موجودة. وهذا العدم ليس هو العدم المطلق ، بل عدم له نحو من الوجود ، فإنه عدم شىء مع تهيؤ واستعداد له فى مادة معينة ، فإنه ليس الإنسان يكون عن كل لا إنسانية (22) بل عن لا إنسانية فى قابل للإنسانية. فالكون (23) بالصورة لا بالعدم ، والفساد بالعدم لا بالصورة. وقد يقال إن
পৃষ্ঠা ১৮