والفرق بين الأمرين أن المشترك بحسب المعنى الأول يكون فى الوجود ذاتا واحدة بالعدد (1) يشير العقل إليها بأنها (2) هى ، من غير أن يجوز فيها قولا على كثيرين ، والمشترك بحسب المعنى الثاني لا يكون فى الوجود ذاتا واحدة ، بل أمرا معقولا يتناول ذواتا كثيرة تشترك عند العقل فى أنها فاعلة أو غاية ، فيكون هذا المشترك مقولا على كثيرين :
فالمبدأ الفاعلى (3) المشترك للجميع بالنحو الأول إن كان للطبيعيات مبدأ فاعلى من هذا النحو ، فلا يكون طبيعيا ، إذ كان كل طبيعى فهو بعد هذا المبدأ ، وهو منسوب إلى جميعها بأنه مبدؤه لأنه (4) طبيعى. فلو كان المبدأ طبيعيا لكان حينئذ مبدأ (5) لنفسه ، وهذا محال ، أو يكون المبدأ (6) الفاعلى (7) غيره ، وهذا خلف. فإذا كان كذلك لم يكن للطبيعى بحث (8) عنه بوجه إذا (9) كان لا يخالط (10) الطبيعيات بوجه (11)، وعساه أن (12) يكون مبدأ للطبيعيات ولموجودات غير الطبيعيات ، فتكون عليته أعم وجودا من علية (13) ما هو علة للأمور الطبيعية خاصة ، ومن الأمور التي لها نسبة خاصة إلى الطبيعيات إن كان (14) شيء كذلك.
نعم ، قد يجوز أن تكون فى جملة الأمور الطبيعية ما هو مبدأ فاعلى لجميع الطبيعيات غير نفسه ، لا مبدأ فاعلى لجميع الطبيعيات مطلقا ، والمبدأ الفاعلى المشترك بالنحو الآخر. فلا عجب لو بحث الطبيعى عن حاله ، ووجه ذلك البحث أن يتعرف (15) حال كل ما هو مبدأ فاعلى لأمر من أمور الطبيعية (16) أنه كيف قوته وكيف تكون (17) نسبته إلى معلوله فى القرب والبعد والموازاة والملاقاة وغير ذلك ، وأن يبرهن عليه. فإذا فعل ذلك ، فقد عرف طبيعة الفاعل العام المشترك للطبيعيات بهذا (18) النحو ، إذ (19) عرف الحال التي تخص ما هو فاعل فى الطبيعيات (20) وعلى هذا القياس فاعرف حال المبدأ الغائى.
وأما أن المبادئ هى هذه الأربعة وسيفصل (21) الكلام فيها بعد ، فهو موضوع للطبيعى مبرهن (22) عليه فى الفلسفة الأولى. هذا ، وأما الجسم من جهة ما هو متغير أو مستكمل أو حادث كائن ، فإن له زيادة مبدأ ، وكونه
পৃষ্ঠা ১৬