وهذا الشىء الواحد الذى تجتمع فيه هذه القوى هو الشىء الذى يراه كل منا ذاته حتى يصدق أن يقول "لما أحسسنا اشتهينا" وهذا الشىء لا يجوز أن يكون جسما، أما أولا فلأن الجسم بما هو جسم ليس يلزمه أن يكون مجمع هذه القوى وإلا كان كل جسم له ذلك بل لأمر به يصير كذلك، ويكون ذلك الأمر هو الجامع الأول، وهو كمال الجسم من حيث هو مجمع، وهو غير الجسم، فيكون إذا المجمع هو شىء غير جسم، وهو النفس، وأما ثانيا فقد تبين أن من هذه القوى ما ليس يجوز أن يكون جسمانيا مستقرا فى جسم، فإن تشكك فقيل إنه إن جاز أن تكون هذه القوى لشىء واحد مع أنها لا تجتمع معا فيه إذ بعضها لا يحل الأجسام وبعضها يحلها فتكون مع افتراقها من غير أن تكون بصفة واحدة منسوبة إلى شىء واحد فلم لا يكون كذلك الآن ويكون كلها منسوبة إلى جسم أو جسمانى؟ فنقول لأن هذا الذى ليس بجسم يجوز أن يكون منبع القوى، فيفيض عنه بعضها فى الآلة وبعضها يختص بذاته، وكلها يؤدى إليه نوعا من الأداء، واللواتى تكون فى الآلة تجتمع فى مبدأ يجمعها فى الآلة ذلك المبدأ، وهو فائض عن الغنى عن الآلة كما نبين حاله بعد فى حل الشبه، وأما الجسم فلا يمكن أن تكون هذه القوى كلها فائضة منه، فإن نسبة القوى إلى الجسم ليس على سبيل الفيضان بل على سبيل القبول، والفيضان يجوز أن يكون على سبيل مفارقة للفيض عن المفيض، والقبول لا يجوز أن يكون على تلك السبيل،
পৃষ্ঠা ২৫৪