كما قد استقصينا القول فى حال المتخيلة والمصورة فيجب أن نتكلم فى حال المتذكرة وما بينها وبين المفكرة وفى حال الوهم، فنقول إن الوهم هو الحاكم الأكبر فى الحيوان، ويحكم على سبيل انبعاث تخيلى من غير أن يكون ذلك محققا، وهذا مثل ما يعرض للإنسان من استقذار العسل لمشايهته المرارة، فإن الوهم يحكم بأنه فى حكم ذلك، وتتبع النفس ذلك الوهم وإن كان العقل يكذبه، والحيوانات وأشباهها من الناس إنما يتبعون فى أفعالهم هذا الحكم من الوهم الذى لا تفصيل منطقيا له، بل هو على سبيل انبعاث ما فقط وإن كان الإنسان قد يعرض لحواسه وقواه بسبب مجاورة النطق ما يكاد أن يصير قواه الباطنة نطقية مخالفة للبهائم، فلذلك يصيب من فوائد الأصوات المؤلفة والألوان المؤلفة والروائح والطعوم المؤلفة ومن الرجاء والتمنى أمورا لا على هذه القوى، وهذا التخيل أيضا الذى للإنسان قد صار موضوعا على هذه القوى، وهذا التخيل أيضا الذى للإنسان قد صار موضوعا للنطق بعد ما إنه موضوع للوهم فى الحيوانات حتى أنه ينتفع به فى العلوم، وصار ذكره أيضا نافعا فى العلوم كالتجارب التى تحصل بالذكر والأرصاد الجزئية وغير ذلك،
পৃষ্ঠা ১৮৩