99

والقانون فى ذلك هو أن المضاف مما يعرض للمقولات جميعها، فإن المضاف قد يكون فى الجوهر كالأب والابن، وقد يكون فى الكم كالكبير والصغير؛ وقد يكون فى الكيف كالأسخن والأبرد، وكالملكة وذى الملكة؛ وقد يكون فى المضاف نفسه كالأكبر إلى ما هو أقل كبرا، وكالصديق الأصدق من صديق؛ وقد يكون فى الأين كالأعلى والأسفل؛ وقد يكون فى متى كالأقدم والأحدث؛ وكذلك قد يكون فى سائرها فيعرض للمضاف ما يعرض لمقولته. فلما كانت الضعفية تعرض للكم، وكان لا مضادة للكم، لم يعرض للضعفية مضادة. ولما كانت إضافة الفضيلة عارضة فى الكيف، وفى الكيف تضاد، جاز أن يعرض لهذه الإضافة تضاد. وكذلك الحال فى قبول الأشد والأضعف، والأقل والأكثر. وقد يظن أن غير المساوي قد يكون أكثر وأقل، لأن الكمية تكون أكثر وأقل كما أن الشبيه يكون أشد وأضعف، لأن الكيفية تكون أشد وأضعف، فنقول: أما غير المساوى فإنه فى الحقيقة لا يكون أشد وأضعف، ولكن قد يكون أبعد وأقرب، فإن العشرة أبعد فى المساواة للثلاثة من التسعة. والسبب فى الأمرين - أعنى المحال والممكن - ما ذكرناه من أن الكم لا يكون أشد وأضعف، لا بالقياس إلى نفسه، ولا بالقياس إلى حال غيره عند نفس ذلك الغير؛ فإنه لا تكون عشرة أشد عشرية من تسعة تسعية، كما يكون بياض أشد ابيضاضا من سواد اسودادا، وإن كان قد يكون عدد أكثر زيادة على عدد من عدد، كما بينا. فعلى ذلك يكون غير مساو أقرب من غير مساو آخر، وأما فى أنه غير مساو، فلا يقبل زيادة ولا نقصانا.

ومن خواص المضافات أنها كلها يرجع بعضها على بعض بالتكافؤ، وينعكس بعضها على بعض، ووجه ذلك الرجوع مخالف لوجه رجوع الحمل على الوضع، ولأنحاء أخرى من الرجوع والعكس تأتيك من ذى قبل. وذلك لأن الوضع ههنا قد يكون من أحد الطرفين مكررا، والحمل يكون من الثاني، فإذا عكست صار الحمل وضعا وقد ألحق به مثل ذلك التكرير فى جانبه، وصار الوضع حملا وقد حذف عنه التكرير، فتقول: إن العبد عبد للمولى، ثم تقول: والمولى مولى للعبد، فتكرر العبد فى الأول والمولى فى الثاني. وفى بعض الأمور تحتاج إلى أن تلحق بالطرف المجعول محمولا شيئا زئدا لا يلحقه وهو موضوع، كإلحاقك اللام بالمولى والعبد ههنا، بل إلحاقك ما تلحقه حين تقول: الحس حس بالمحسوس،والمحسوس محسوس بالحس.وفى بعض المواضع لا تحتاج إلى ذلك، كما تقول: إن الأب أب الابن، والابن ابن الأب.وسواء قلت ذلك لفظا أو لم تقل فإنك تعقله معنى: فأنت تأخذ المحمول على أنه منسوب إليه سواء ألحقت به اللفظ الدل على ذلك، أو لم تلحق، ولم تأخذه على هذا الوجه بعينه حين تضعه.

وأما سائر العكوس التى ستأتيك فى مواضعها فتخالف الذى للمضاف فى ذلك كله؛ لكن فى هذا التكافؤ شرط يجب أن يراعى، وذلك أن الإضافة إذا لم تقع على التعادل، لم يجب هذا التكافؤ؛ووقوعها على التعادل هو أن تقع إلى الشىء الذى إليه الإضافة أولا وبالذات، فإنها إن وقعت إلى موضوعه، أو إلى أمر يعرض له، أو إلى جنسه، أو إلى نوعه لم تقع الإضافة متكافئة. فإنك إذا قلت إن الرأس رأس للإنسان أو للحيوان، أو الرأس رأس لذى مشى، أو الرأس رأس للمشاء، وكذلك الجناح جناح للطائر والسكان سكان للسفينة لم يمكنك أن ترجع فتقول: والإنسان والحيوان أو ذو مشى أو المشاء هو إنسان أو حيوان أو ذو مشى أو مشاء بالقياس إلى الرأس، وكذلك لا تقول الطائر طائر بالقياس إلى الجناح، والسفينة سفينة بالقياس إلى السكان؛ وذلك لأن الرأس ليس معادل ما ذكرت بل معادله هو ذو الرأس، فالرأس رأس لذى الرأس، وكذلك الجناح جناح لذى الجناح، وكذلك السكان سكان لذى السكان. وأما ما ذكرت فهو إما موضوع المضاف المعادل أو جنس موضوعه، أو جنس المضاف، أو عارض لموضوع المضاف. وإنما يعرض أكثر هذا فى الموضع الذى لا تكون فيه الإضافة واقعة حيث الماهية مقولة بالقياس، بل حيث تجعل كذلك بنوع من النسبة، فيكون لا اسم للمضاف إليه من حيث هو مضاف إليه، بل إن كان كان من حيث هو موضوع للنسبة إليه أو من جهة أخرى.

فلذلك يجب أن يخترع لمثل هذا الشىء اسم بحسب النسبة. وإذا أشكل الأمر فى تحصيل ما تقع إليه الأضافة بالتعادل، مميزا مما يقع إليه لا بالتعادل، فسبيلك أن تجمع أوصاف الشىء جميعا.فأى تلك الأوصاف إذا وضعته ثابتا ورفعت غيره جاز أن ترفعه أو لم يجز أمكنك أن تحفظ الإضافة؛ وإذا رفعته ووضعت غيره لم يمكنك حفظ الإضافة فهو الذى إليه التعادل، وما لم يكن كذلك فليس إليه التعادل. فإنك إذا رفعت من الشىء أنه حيوان وأنه إنسان وأنه مشاء وأنه ذو مشى كيف اتفق، وحفظت أنه ذو رأس، أمكنك أن تنسب إليه الأس. وإذا رفعت أنه ذو رأس وحفظت أنه حيوان وأنه إنسان وأنه مشاء وأنه ذو مشى، لم يمكنك أن تضيف إليه الرأس.

الفصل الرابع فصل (د) فى خواص المضاف

পৃষ্ঠা ১০৩