84

وأول ما يجب أن نبحث عنه من حال الكمية، إن أمكن وكان البحث يحتمله، هو أنها جوهر أو عرض. فإن كانت الكمية هى الجسمية التى تقارن المادة فتقوم الجسم جسما؛ فبالحرى أن تكون صورة مقومة للجواهر. والصورة جوهر؛ فالكمية إذن جوهر.فنقول: إن تحقيق هذه الأشياء مما لا يكلفه المنطقى، بل يجب أن يأخذ المنطقى ما نقوله أخذا، ويكون بيانه له فى صناعة أخرى،فنقول: يجب أن تعلم أن كل جسم فهو متناه؛ ولكن حد الجسم، من حيث هو جسم، غير حد الجسم والمتناهى، من حيث هو متناه؛ والتناهى يلزم كل جسم بعد ما تقوم حد الجسمية جسما؛ ولذلك قد يعقل الجسم جسما ولا يعقل تناهيه، ما لم يوضح ببرهان إيضاح العوارض المطلوبة للموضوعات بالبراهين المبينة إياها. فالتناهى ليس داخلا فى ماهية الجسم. فالسطح ليس جزء حد للجسم. ومع ذلك فإنه وإن كان كل جسم متناهيا، فإن الأبعاد ليست بواجب حصولها فى الجسم بالفعل؛ فإن الكرة، من حيث هى كرة، جسم، وليس يحيط بها إلا نهاية واحدة؛ وليس يفرض فيها أبعاد بالفعل متميزة؛ بل الجسم إنما هو جسم لأنه من شأنه وفى طباعه بحيث يمكن أن يفرض فيه ثلاثة أبعاد فيه على الإطلاق متقاطعة على حد واحد مشترك تقاطعا على قوائم. وهذه صورة الجسمية.

فالشىء الذى يمكنك أن تفرض فيه بعدا، ثم بعدا آخر يقاطعه على قائمة، ثم ثالثا يقاطع الأولين على التقاطع الأول على قوائم، فهو الجسم. ثم إذا اختلف الجسمان بأن أحدهما يقبل أحد الأبعاد أو اثنين منها أو ثلاثتها أكبر أو أصغر من الأبعاد التى فى الجسم الآخر، فإنه لا يخالفه فى أنه يقبل ثلاثة أبعاد على الإطلاق البتة، ويخالفه فيما قبل من الأبعاد على ما ذكر. فهومن حيث يقبل ثلاثة أبعاد جسم على الإطلاق، ومن حيث يقبل ثلاثة أبعاد بعينها أو ثلاثة هى موجودة فيه بالفعل، إن أمكن، فهو بحيث يقدر، وذلك له من حيث أنه يقدر،سواء كان التقدير لا يعينه البتة، إن أمكن، أو يعينه. والصورة الجسمية التى هى صورتها الجوهرية، هى التى لا يزيد فيها جسم على جسم، فهى من جملة القسم الأول، وهى صورة جوهر، بل جوهر وليست عرضا. والمعين المعرض للتقدير فى الأبعاد الثلاثة تقديرا محدودا أو غير محدود فهو العرض الذى من باب الكم.

والجسم الواحد قد يوجد بحيث يعرض له أن يختلف بحسب الكمية ولا يختلف بحسب الصورة؛ فإن الشمعة، أى بشكل تشكلها به، يحفظ عليها أن تكون بحيث يصح فرض أبعاد ثلاثة مطلقة فيها على الصور المذكورة ولا يختلف ذلك فيها ويختلف مع كل شكل ما يتحدد ويتعين فيها من الأبعاد طولا وعرضا وعمقا بالفعل أو بالقوة إذا حدد ذلك الشكل. فإنه إن شكل الشمع بشكل كرة كان معرضا لنسبة أبعاد محدودة هى غير المحدودات المعينة التى يقبلها إذا كان شكله شكل مكعب وذلك كميته. والماء قد يحفظ جوهره ماء ويزيد حجما عند التخلخل؛ فيكون قد ثبتت له جوهريته النوعية فضلا عن الجسمية الجنسية وتغير مقداره الجسمى.

পৃষ্ঠা ৮৮