133

فنقول: إن المتقابلين هما اللذان لا يجتمعان فى موضوع واحد من جهة واحدة فى زمان واحد معا. وكل شيئين لا يجتمعان فى موضوع واحد، فإما أن لا يجتمعا على سبيل أن شيئا واحدا لا يوصف بهما بالمواطئة، بأن يكونا مقولين عليه، بأن الشىء هو هذا وذاك، كما يكون الشىء الواحد حيا وأبيض معا، أو على سبيل أن الشىء الواحد لا يوصف بهما بالاشتقاق أيضا، وذلك بأن يتمانعا من حيث الكون فيه أيضا.

والقسم الأول يكون أحدهما فى قوة سالب الآخر، كالفرس واللافرس، فلا يخلو إما أن يكون الاعتبار من حيث السالب منهما سالب فقط، أو من حيث هناك زيادة معنى إيجابى لزمه السالب، كما إذا جعلنا المتقابلين أو الشيئين المذكورين: الزوج والفرد، وجعلنا الفرد، ليس كونه فردا، هو أنه ليس بزوج فقط، بل إنه أمر زائد على ذلك. فليكن الأول، هو تقابل النفى والإثبات، إما بسيطا، كما هو فرس لما ليس بفرس من حيث ليس بفرس؛ وإما مركبا، كقولك زيد فرس زيد ليس بفرس. والأول لا صدق فيه ولا كذب، والثانى فيه صدق وكذب، ويشتركان فى أنه ليس فيهما إشارة إلى وجود من خارج، بل اعتبار أحكام عقلية. فإنه لو كان اللافرسية من حيث هى لا فرسية، شيئا له وجود بوجه، لكان الماء فيه سلوب موجودة بالفعل لا نهاية لها، لأنها ليست بحجارة، ولا مثلث، ولا ثنائية، ولا رباعية، ولا أمر من الأمور التى لا تتناهى، وكان يكون نسب سلبية حاصلة فيه لا نهاية لها لا مرة واحدة بل مرارا متضاعفة بلا نهاية ولا غاية، إذ كان لكل جملة تفرض سلب مستأنف، بل هذا شىء فى اعتبار العقل وفى القول.

ومن خواص هذا القسم، أنه لا يمنع اجتماع ما يقع عليه من المتقابلين فى موضوع واحد، بأن يكونا فيه، لا بأن يكونا عليه. وذلك لأن الرائحة ليست طعما، وتقابل الطعم من حيث ليس طعما، ويجتمعان فى موضوع على سبيل الوجود فى موضوع، فكل ما لم يجتمع فى موضوع على سبيل الوجود فيه، فليس يجتمع فى موضوع على سبيل القول عليه ، ولا ينعكس. ثم إن المتقابلين اللذين أوردناهما، يختلفان فى أن تقابل الفرسية واللافرسية لا صدق ولا كذب فيه، وتقابل " أن زيدا فرس " لقولنا " زيد ليس بفرس " فيه صدق وكذب.

وأما القسم الآخر، فمثل الحرارة والبرودة والحركة والسكون، ومثل أمور أخرى تجرى مجراها. فلنقل أولا: إنه لا شك أن الفرس واللافرس يعدان فى المتقابلات، وكذلك قولنا، " زيد فرس " ، مقابل لقولنا، " زيد ليس بفرس " . وكذلك الزوج والفرد يعدان من المتقابلات؛ وكذلك العمى والبصر يعدان من المتقابلات؛ وكذلك الحركة والسكون يعدان من المتقابلات؛ وكذلك الحرارة والبرودة يعدان من المتقابلات؛ وكذلك الأبوة والبنوة يعدان من المتقابلات.

পৃষ্ঠা ১৩৭