শায়ের ও ভাবনা
شعر وفكر: دراسات في الأدب والفلسفة
জনগুলি
وإذا لم تصغ للصوت القديم
داعيا إياك: مت كيما تكون،
فستبقى دائما ضيفا يهيم
في ظلام الأرض كالطيف الحزين.
هي إحدى قصائد «الديوان الشرقي» لشاعر الألمان الأكبر «يوهان فولفجانج جوته»، ومن الصعب الحديث عن هذه القصيدة التي تعد درة فريدة في عقد الأشعار التي يضمها الديوان الشرقي. ومن أصعب الأمور أيضا أن تتحدث في هذا المجال عن جوته نفسه، أو عن ديوانه الشرقي الذي يعتبر - بعد قصيدته الدرامية الكبرى فاوست - أعذب ما كتب من الشعر وأكثره نضجا وحكمة ودعابة وصفاء.
فلنقل باختصار شديد إن جوته هو أعظم شعراء الألمان، وإن اسمه يطلق على عصر أدبي بأكمله هو عصر جوته، وإنه أثر بأدبه وفكره وحياته وبحوثه العلمية وثقافته العالمية الشاملة على نهضة الأدب الحديث في بلاده، وعلى العقل الأوروبي بوجه عام، حتى لقد أصبح ظاهرة إنسانية فريدة ونموذجا لكل حياة جادة ومتجددة بالحكمة والحب والتطلع وتحقيق الخلود في كل لحظة من لحظاتها الممتلئة بالعمل والتجربة والبهجة. تطور شعره المتميز بالتعبير عن تجاربه الحميمة المباشرة من القصائد الذكية الأنيقة والمسرحيات الرعوية القصيرة التي كتبها في سنوات الطلب في مدينة «ليبزيج» إلى التعبير العاطفي الذي يتسم بتأكيد العبقرية الفردية المتطرفة فيما يسمى بمرحلة «العصف والدفع»، التي أبدع فيها شعرا عميق الحساسية، حر الإيقاع، وكتب فيها مسرحياته المبكرة وروايته المشهورة «آلام فيرتر». وانتقل إلى المرحلة الكلاسيكية التي تزعم حركتها الداعية إلى محاكاة النماذج الإغريقية الراسخة محاكاة خلاقة، والتمسك بالشكل المتزن والتعبير المنسجم الذي يتجاوز الوجدان الشخصي أو الفردي، في لغة دقيقة، متوازنة، نقية وصحية، إن جاز هذا الوصف للروح الكلاسيكية في مقابل الروح الرومانتيكية التي وصفها بالمرض، وأبدع في هذه المرحلة عددا من المسرحيات «النفسية»، والملاحم الشعبية التي تدور كلها حول العلاقة بين الفرد والمجتمع، وتقدم صورا مثالية تخلد شخصيات إنسانية. رفيعة مثل مسرحيته عن «توركواتو تاسو» و«إفيجينيه » وملحمته الشعرية «هيرمان ودوروثيا»، وروايته «فيلهلم مايستر في سنوات التعلم».
ثم انتقل الشاعر إلى مرحلة الكهولة والشيخوخة، فنفذت عناصر رومانتيكية إلى مؤلفاته المتأخرة التي غلبت عليها الحكمة والفكر واللغة البطيئة الساكنة، وتحولت عن تمجيد التربية الذاتية والعلاء بالفردية المتجانسة المتكاملة إلى الدعوة للعمل والتأثير النافع على حياة الجماعة، كما فعل في الجزء الثاني من روايته «فيلهلم مايستر، سنوات التجوال»، والقسم الثاني من قصيدته الدرامية «فاوست» الذي أتمه قبل موته بعام واحد، وروايته «الأنساب المختارة»، بجانب كتاباته المستفيضة التي سجل فيها ذكريات حياته، مثل «شعر وحقيقة» وأشعاره التي وصفها بأنها «شذرات من اعتراف كبير»، ودراساته العلمية المتنوعة في النبات والحيوان والتشريح والمعادن والألوان والبصريات، وقد حاول فيها جميعا أن يصل بطريقته الشاعرية المتأملة إلى القوانين العضوية التي تحكم التطور والتشكل الأبدي الحي. هذا فضلا عن عدد لا يحصى من الأحاديث والرسائل والمقالات والمراجعات والحكم والتأملات والقصص والمسرحيات التي لا يتسع المجال لذكرها.
أما الديوان الشرقي،
1
الذي كان ثمرة لقاء الشاعر بعالم الشرق والإسلام، وهجرته الروحية إلى منابع الطهر والنقاء والوحي والغناء، وتأثره ببعض ما عرفه من آيات القرآن الكريم، وسيرة الرسول الكريم، ومن شعراء المعلقات وشعراء الفرس، وخصوصا حافظ الشيرازي الذي اعتبره «توأم روحه»، وراح يناجيه ويحاوره في قصائد ديوانه، فيكفي أن نقول إن إقباله على كتابة هذه القصائد كان محاولة منه لتجديد شبابه وإبداعه، والتعبير عن تجربة حب مر بها في شيخوخته، ثم خاب أمله فيها أو في نفسه، فتجاوزها إلى تجربة الحب الإلهي. وقد تمخض هذا اللقاء بروح الشرق والإسلام وشعراء العرب والفرس بوجه خاص عن هذا الديوان الذي يتألف من اثني عشر كتابا تضم عددا من القصائد يبلغ ثلاثمائة وخمسا وثلاثين قصيدة تسري فيها العذوبة والدعابة واللعب بالأقنعة مع الحب والإيمان الديني والكوني العميق. ومن هذه القصائد اخترت لك هذه القصيدة من كتاب «المغني» أول كتب الديوان. •••
অজানা পৃষ্ঠা