শায়ের ও ভাবনা
شعر وفكر: دراسات في الأدب والفلسفة
জনগুলি
فإذا سألنا: من الذي بدأ هذا الحوار الذي هو نحن، ومن الذي سمى الآلهة، وانتزع من الزمن المتغير الهدام شيئا باقيا عبر عنه بالكلمة، كان جواب الشاعر في ختام قصيدته «ذكرى» على هذا النحو: «أما ما يبقى فيؤسسه الشعراء». والعبارة تكشف لنا عن ماهية الشعر.
فليس الشعر زينة ولا تسلية ولا مظهرا حضاريا ولا لعبة في أيدي النقاد وأصحاب الجمال. إنما الشعر «تأسيس» بالكلمة وفي الكلمة.
ما هذا الذي يؤسسه الشعر؟ هو ما يبقى ويثبت ويدوم. وهو يؤسسه حين ينتشل هذا الشيء الثابت من تيار التغير الجارف، ويستنقذ البسيط من المعقد، والمعيار من خضم الفوضى والاضطراب. ولا بد له أن يكشف الحجاب عن الوجود لكي يتاح للموجود أن يظهر. ومسئولية الشعراء تفرض عليهم أن يبقوا على ما من شأنه أن يبقى، ويصونوا ما من شأنه أن يصان. وهي «عناية يبذلونها، وخدمة يناط بهم أداؤها» أي بذل وعطاء صادران عن حرية واختيار. والحرية في صميمها التزام بقدر أسمى وضرورة عليا. والقدر الأسمى والضرورة العليا التي يتحملها الأدب عموما والشعر بوجه خاص هي أن يؤسس الوجود بالكلمة، أي يدعم صلة الموجود الإنساني بالوجود. بهذا يكون وجود الإنسان في صميمه وجودا شعريا؛ لأن الإنسان - كما يقول الشاعر - يسكن على الأرض سكنا شعريا. •••
إذا أردنا الآن أن نستخلص من شعر هلدرلين ونثره وحياته الكسيرة البائسة فلسفة، فيمكن أن نقول إنها نمت وتطورت وفقا لقانون التطور الدوري، أو ما يسميه هو نفسه «دورة الحياة» حين قال في قصيدة تحمل هذا الاسم:
هكذا أعبر قوس الحياة
وأعود إلى حيث جئت.
أخذت هذه الفلسفة في روايته «هيبريون» شكل وحدة الوجود، فكانت الطبيعة الإلهية بكل قواها وعناصرها وحدة واحدة مع البشر الفانين والسماويين الخالدين. ثم تطورت في قصائده المتأخرة إلى نوع من الواحدية أو «التوحيد» الذي يضم عناصر من الوثنية الإغريقية بآلهتها المتعددة، ومن وحدة الوجود والمسيحية. ووجدناه يتحدث عن إله أعلى خارج حدود الزمان يسميه «إله الآلهة»، إلى جانب درجات أخرى من الألوهية كان آخر من ظهر منها هو المسيح.
هناك أيضا دورات أخرى يتعاقب فيها الليل والنهار، ويتجلى الإله للبشر أو يحتجب عنهم، على حسب قدرتهم على احتمال نوره الباهر.
وقد كان كل هم الشاعر في أعماله المتأخرة أن يبرر طرق الرب المختلفة إلى الناس. وإن كان قد فعل هذا من خلال تجربته الفاجعة بمأساة الحياة، ومأساة الشاعر في عالم لا يفهمه ولا يسمعه، وتجربته الأشد فجيعة عن «الرب الذي لم يعد يتحرك فوق رءوسنا من زمن طويل».
ويتصل بهذا فكرته عن أن الإله قريب، وعصي على الإدراك ، وعن النور الرباني الساطع الذي لا يحتمله البشر، والذي يفاجئهم، فيرتعشون لحظة، ويظلون يسألون بعد ذلك عن سره. وهي فكرة نجد جذورها في كثير من نصوص العهد القديم وكتابات الأسرار والتراث الشعري، كما نجد لها نظائر في آداب مختلفة عند شعوب متعددة، كما نراها مثلا في الفردوس المفقود لملتون أو في شعر وليم بليك (1757-1827م) الذي يعبر عن هذا المعنى في إحدى قصائده «الصبي الأسود الصغير»:
অজানা পৃষ্ঠা