শায়ের ও ভাবনা
شعر وفكر: دراسات في الأدب والفلسفة
জনগুলি
لهذا كله يقترب هذا الشعر من روح الفلسفة، وإن ابتعد الشاعر عن الفلاسفة، وأعرض عن نهجهم المرتب ولغتهم المجردة، ووصفهم بأنهم طغاة متزمتون، وتسلل في جنح الليل هاربا من مدينتهم «يينا» بعد أن شعر بوحدته وبؤسه أمام قصرهم الفخم الذي وضعت عليه لوحة «المثالية الألمانية».
ولهذا أيضا نوه بعض الشراح بالقرابة الروحية التي تجمع بين هلدرلين وبين المفكرين السابقين على سقراط. فقد كانوا مثله يفكرون في الطبيعة، ويحيون في قلب الأسطورة، ويدهشون لمعجزات الوجود الممتدة أمام أبصارهم. وكانوا لذلك مفكرين شاعريين يعبرون عن انبهارهم بالوجود بلغة الصورة والرمز والخيال، كما كان فكرهم هو الفجر الذي سبق ظهور الفلسفة بمعناها الدقيق. فإذا رأينا واحدا منهم مثل هيراقليطس يصور الروح أو العقل أو اللوجوس في صورة البرق الذي يسطع في السماء، فإن هلدرلين - الذي أعجب به وأحبه وأقام فكره على أساس كلمته المشهورة عن الواحد - لا يبتعد عنه كثيرا حين يرسم التفكير - في قصيدته عن بلاد اليونان - على هيئة الأثير الرفاف، ويصور الحب بلون البنفسج الأزرق الذي يكسو الأرض:
النيران أسيرة بين الشطآن المعشبة،
وكذلك العناصر الأربعة،
أما الأثير فيحيا في الأعالي في تفكر خالص.
وأما النور فهو فضي في الأيام الصافية،
والأرض زرقاء بلون البنفسج
علامة الحب.
لعل صلة القربى بين هلدرلين والمفكرين اليونانيين قبل سقراط أن تكون من أقوى الأسباب التي جذبت فيلسوف الوجود «هيدجر» إلى الاهتمام بشعره، وتكريس عدد من بحوثه ومحاضراته عنه. فالمعروف أن هيدجر قد عني بدراسة المفكرين قبل سقراط، وبخاصة هيراقليطس وانكسمندر وبارمنيدز. والمعروف أيضا أنه لا يرى أنهم فلاسفة بالمعنى المصطلح عليه في تأريخ الفلسفة، وإنما هم عنده مفكرون كبار، ومحبو الحكمة أو حكماء الحب؛ ذلك لأنهم كانوا قريبين من الأصل والمنبع، أي من الوجود نفسه، قبل أن تتوه الميتافيزيقا الغربية - بسبب نسيانها لهذا الوجود منذ عهد سقراط وأفلاطون حتى نيتشه، أو بالأحرى حتى هيدجر نفسه - على دروب الموجود.
2
অজানা পৃষ্ঠা