শায়ের ও ভাবনা
شعر وفكر: دراسات في الأدب والفلسفة
জনগুলি
3
في جريدة الأهرام القاهرية في شكل متواضع هو شكل الرواية المسلسلة، وكانت الرواية تحت عنوان «أولاد حارتنا».
4
والواقع أن الرواية لم يقدر لها الصدور في مصر حتى اليوم على هيئة كتاب، كما أن السلطات المصرية قامت بمصادرة الطبعة التي نشرتها دار الآداب البيروتية في يناير سنة 1967م.
5
إذا كانت هذه الظروف والملابسات الخارجية تثير الانتباه، فسوف يتبين للقارئ الذي يطلع على الرواية أن نجيب محفوظ يقدم في الحقيقة عملا غير عادي. فهذه «الرواية» - وهو الوصف المثبت على صفحة الغلاف - تتناول موضوعا جبارا، ألا وهو تاريخ البشرية من حيث هو تاريخ البحث عن النجاة والخلاص، بدءا بخلق العالم وطرد آدم وحواء من الجنة، ومرورا بظهور الأنبياء، وانتهاء إلى مشكلات العصر الحاضر. وهي في تناولها هذا تنقل تاريخ النجاة إلى نطاق حي من أحياء القاهرة، وبهذا تخلصه من البعد الأسطوري لتقربه من جمهور القراء قربا مباشرا.
وأولاد حارتنا تدل على الناس الذين يعيشون في حارة تقع على الحدود الفاصلة بين القاهرة القديمة وصحراء جبل المقطم. ففي الصحراء في «الخلاء الخرب»، استطاع الجبلاوي «بقوة ساعده ومنزلته عند الوالي» (ص5 وما بعدها) أن يقيم لنفسه ملكا واسعا، ويشيد بيتا كبيرا ذا حديقة مترامية. ويريد الجبلاوي أن يوقف هذا الملك على أبنائه وذريتهم من بعدهم ليكفل لهم حياة مستقرة آمنة، ولكنه يطرد اثنين من أبنائه من أصحاب الأولاد: إدريس (= إبليس) لأنه لا يوافق أباه على إسناد إدارة الوقف لأخيه الأصغر أدهم (= آدم)، وأدهم لمحاولته الاطلاع على حجة الوقف التي يحافظ أبوه على سريتها. ويحاول الجبلاوي أن يسترد أحد أبناء أدهم، وهو همام (= هابيل)، ليعيش معه في البيت الكبير، ولكن محاولته تخفق بعد مقتل همام بيد شقيقه الغيور قدري (= قابيل). وعلى أثر ذلك يعتكف الجبلاوي في البيت الكبير، ويكل الإشراف على الموقف للناظر، ولا يحرك ساكنا عندما يعبث هذا الناظر بريع الوقف، ويغش ذرية الواقف، أي سكان الحارة التي تنشأ في هذه الأثناء.
وتسقط الحارة في هاوية البؤس والظلم. وتذوق الأمرين من الفتوات الذين يسيئون معاملة الناس، ويبتزونهم الإتاوات، ويجعلون من أنفسهم أدوات لتأييد سلطة الناظر. ومن حين إلى حين ينهض رجل لرفع البؤس عن الناس وقهر الظلم. فجبل (= موسى) يستخلص نصيب آلة من ريع الوقف بالقوة. ورفاعة (= يسوع) يرفض اللجوء إلى القوة، ولا يهتم بريع الوقف؛ لأنه يسعى إلى تحرير الناس من عفاريت شهواتهم، ولكن نجاحه في مسعاه، والتفاف الناس حوله، وزعمه التحدث بلسان الواقف، كل هذا يوغر عليه صدور الفتوات والناظر، فيحسون بخطره ويقتلونه. وقاسم (= محمد) ينجح في تحطيم نفوذ الفتوات بالقوة، ولكنها القوة التي تجمع إلى البراعة السياسية موهبة التنظيم. إنه يتجه ببصره مرة أخرى إلى الوقف، ويأمر لأول مرة بتوزيع ريعه على جميع سكان الحارة دون تفرقة بينهم في العشيرة أو الجنس، ولكن الذي يحدث بعد موته، مثلما حدث بعد موت سلفيه، هو عودة الناظر والفتوات إلى سلطتهما القديمة، ورجوع الظلم والبؤس سيرتهما الأولى؛ لأن البشر سرعان ما ينسون تعاليم روادهم الكبار.
إن الصور التي تتوالى في الظهور على شاشة العرض تختلط فيها مستويات مختلفة من المعاني والدلالات، مما يضفي على هذا العرض طابعا سحريا متميزا. والبيئة التي تدور فيها الأحداث بيئة مألوفة لكل إنسان يعرف الأحياء الفقيرة في المدينة الشرقية، الزحام، والقذارة، والضوضاء، والتنازع والصراع المضني في سبيل لقمة العيش اليومية. بل إن أخبار الفتوات تقدم لنا مادة بحث - ما زلنا نفتقده إلى اليوم - عن هذه الصورة الحديثة المشوهة من مثل أعلى قديم، وتنظيم جريء كان يحقق - في مدن العصور الوسطي الإسلامية التي كانت تفتقر إلى المؤسسات الشرعية - وظائفه الإيجابية في حفظ النظام والأمن، بل إننا لا نزال نلمح هنا ظلالا باقية من هذه الوظائف، فلم يكن الجبلاوي نفسه في بداية أمره إلا «سيد الخلاء والفتوة الرهيب» (ص11 ، 15، 18)، ولكن من الواضح أن الفتوات الحاليين لا يعملون لحسابهم فحسب، وإنما يرمزون لكل سلطة قائمة على القوة والبطش. أضف إلى هذا أن الإدارة الفاسدة للأوقاف ليست على اليقين هي السبب الرئيسي في سوء الأحوال الملحوظ في هذه الرواية، وإنما هي كذلك رمز لنظام اجتماعي مضطرب. وأخيرا يأتي مستوى التاريخ الإلهي - تاريخ النجاة والخلاص - في صورته الأسطورية. لقد نهل المؤلف في معظم الأحيان من التصورات الإسلامية لهذا التاريخ، وإذا كان قد استعان أحيانا بالمصادر التوراتية،
6
অজানা পৃষ্ঠা