هذا هو الزجل الكلاسيكي، منذ نشأته حتى الآن، أما المدرسة الجديدة فحديثها يأتيك حين نتكلم عن «جلنار» طراد، و«من قلبي» لأسعد سابا، وفي هذين الديوانين تتمثل المدرسة الرمزية في الشعر العامي، ولعلها وفقت أكثر من أختها في شعرنا الفصيح، وسنرى.
الشعر العامي
عود على بدء
يريد الدكتور نقولا زيادة، وهو بحاثة طريف الأسلوب، أن نبحث العلاقة بين الزجل اللبناني والغناء السرياني الديني. فلدكتورنا العلامة أقول: إن الزجالين اللبنانين الأولين موارنة مستعربون، لم يتمكنوا بادئ ذي بدء، من العربية وقريضها. تعود هؤلاء سماع ميامر مار أفرام ومار يعقوب في كنائسهم، فأخذوا ينظمون الشعر عربيا عاميا، على تلك الأوزان السريانية التي عرفوها وفهموها وترنحوا بها صباحا ومساء وليلا في كنائسهم، فانطبعوا عليها، ومن هنا جاءت العلاقة بن الشعرين، من حيث اللحن والنغم، ومن حيث المعاني والأفكار والصور.
وإذا أردنا التعمق أكثر، وعدنا إلى الزجل المروي عن الخوري نعمة الله القدوم الكفري الجبيلي، رأينا في زجلياته التي يتناقلها الرواة عندنا حتى اليوم ثقافة دينية إنجيلية توراتية، عميقة الصورة، حافلة بالرموز والتلميحات. شكا - رحمه الله - في هذه الزجليات، من سياسة الإكليروس في زمانه، وخصوصا الرهبان الموارنة الذين خاضوها ثورة محلية طائفية، فألقوا عنهم نير بطركهم، فانتدبت رومية القاصد الرسولي لوديفيكوس لينظم شئونهم، فانفتح باب مغلق لشاعرية ذاك الكاهن الماروني العتيق، فنظم زجليته الشهيرة يصف فيها تلك «الحركة».
قال يخاطب القاصد، واللحن سرياني:
لوديفيكوس يا قاصد الفاتيكان
أرسلوك للشرق حتى تدبر الرهبان
ثم مضى يصف زعماء الرهبانية المتآمرين واحدا واحدا، وهذا نموذج قاله يلوم أحدهم ويبكته، والأبيات من وزن ولحن سريانيين أنقلهما كما وردت تماما:
غناطيوس عاكتفك حملت النير
অজানা পৃষ্ঠা