وراح يقول وكأنما يحادث نفسه: جريمة خفية، من يصدق هذا؟ ولكن كيف؟ - إنه الشيطان، أجل لم ينعم الجو بالصفاء بين الأب وابنه، ولكن الأب رجل عاقل وكريم، لم يضن أبدا على ابنه بخير، وكان محروس يعيش في القصر وكأنه صاحبه، هو وزوجته وابنته، ثم يحاول شراء الطاهي ليدس السم لأبيه؟! - أي غباء وأي جنون! - طوى الطاهي السر في صدره، أجل إنه صنيعة محروس، ومحروس الذي جاء به منذ سنوات ولكنه إنسان أمين فجاءني وأفضي إلي بسره! - أنت؟! - نعم، إنه يتعامل معي يوميا ... - وأنت التي أبلغت عمي؟ - ذهبت به إلى البك. - الأمر يتطلب تحقيقا عادلا! - عمك ثار وأوشك أن يبلغ الأمر للنيابة لولا توسلاتي إليه أن يفكر في هدوء وأن يتجنب الفضيحة. - ربما أسفر التحقيق عن لا شيء؟
فقالت بأسى: عندما واجه محروس بالتهمة لم يدر كيف يدافع عن نفسه، كأنما كان يعترف.
تنهد يحيى وتمتم: محروس في الأربعين، زوج وأب، لا ينقصه شيء، كيف اشترى جريمة بالنعيم والأمل؟ - إنه الشيطان، ومن يدري؟ العمل يبدو جنونا لا معنى له، والحمد لله أن عمك اكتفى بطرده وحرمانه.
بعيد أن يكون الرجل بريئا. لقد خسر بجنونه كل شيء. ضاع تماما. وتذكر مرة أخرى وداد كريمة المتهم. لقد طرد معهم بمعنى من المعاني. أمه ولا شك تدرك ذلك تماما. أيضا زوج أمه جندي بك الأعور. كم من متاعب ترصده في هذه الأيام الصفراء! ها هي أمه تقول: إني آسفة جدا يا يحيى. - لكن كيف تواجه الأسرة المطرودة الحياة؟
فقالت بعتاب: يجب أن ترثي أولا لعمك! - بلا شك، ولكن سؤالي له وجاهته أيضا!
فقالت وهي لا تخفي امتعاضها: لا بد من فترة انتظار حتى تنحسر عواصف الانفعال، في نيتي بعد ذلك أن أرجو عمك أن يهب الرجل وأسرته عمارة من عماراته حتى لا يدفعه اليأس إلى الجنون!
فقال يحيى مستردا بعض أنفاسه: فكرة طيبة.
وطوال الوقت فكر في وداد، وبدا أن أمه تشاركه خواطره، وقد قالت بصراحة: إني حزينة من أجلك يا يحيى.
فقال بوضوح: إني أحب وداد، وهي تحبني، لن يفرق بيننا شيء!
فقالت بإشفاق: عليك أن تتذكر عمك، إنه في الواقع أبوك.
অজানা পৃষ্ঠা