19
أخيرا خلت الحجرة لهما. تحطمت قوائم الكنبة الوحيدة وتفزر حشوها، وتغطت الحصيرة بالطين والتراب، وفاحت رائحة العرق. ذهب الرجال مخلفين روائحهم والجريمة. تكومت وداد ممزقة الملابس وطرح شطا على الأرض ملوثا بالدم معذبا بالوعي. حجز بينهما صمت وشعور عميق بالحرج. أما الحزن والغضب فقد استقر في أعماق الروح. وتملص من الصمت فقال: لا تحزني، أنت بريئة وطاهرة.
تحجرت نظرتها أكثر، فقال متأسفا: بذلت المستحيل!
تحركت من مرقدها. سوت ثوبها، مضت مترنحة إلى الدهليز عادت قابضة على سكين. تمنى لو تغمدها في قلبه. راحت تقطع وثاقه. تحرك متأوها وراح يجفف دمه بطرف جلبابه. أخذ راحتها بين يديه مغمغما: يا للتعاسة!
فقالت بصوت غريب: لنذهب.
فقال متوعدا: لأقتلنه ذات يوم! - قد تقتل قبل ذلك، فلنذهب! - لا شك أن الحكاية تتردد الآن في سوق الدرب.
فقالت بكآبة: ستسبقنا إلى الحارة أيضا.
ثم رفعت منكبيها استهانة وتساءلت: أين يتم الطلاق؟
فصرخ: لن أطلق أبدا!
فاتسعت عيناها في ذهول، فقال بإصرار: أبدا! أبدا! - وعذاب الآخرين؟! - إني ماض إلى مقابلة الديناري ومواجهة المستحيل.
অজানা পৃষ্ঠা