فتساءلت نافدة الصبر: أهلنا هل ينتظرون حتى نحل هذه الألغاز؟
فقال متجاهلا مقاطعتها العصبية: توهمت مرة أخرى أنه يدعوني إلى إصلاح الخطأ. - هل يقبل الحل الذي ترتئيه؟ - لا أدري البتة!
فهتفت: ثمة مهمة عاجلة، وهي أن نرفع العذاب عن أهلنا وأن نبعد عن هذا الجو المعادي لنا. - بل يعني أن نرجع إلى الحارة. - لا يمكن أن نرجع ونحن زوجان وإلا عد ذلك تحديا له. - يجب أن نرجع. - قال بأسى: وداد، إنك تفكرين في التخلي عني.
فشهقت بالبكاء ولم تدر ما تقول، فقال: هبنا انفصلنا فهل يعفو عنا؟ - ثمة أمر مؤكد وهو أنه سيكف عن أهلنا وسننجو من هذا الدرب البغيض.
فتمتم كالمتردد: من يدري؟
فقالت بوضوح: إني راجعة. - يلزمنا مزيد من التفكير. - نحن نزيدهم عذابا، ونتعذب أيضا، فلنقدم ولنكل أمرنا إلى الله.
16
عليه أن يستأذن المعلم الشبلي صاحب الفضل والحماية. إنه حريص على النزاهة بقدر ما هو متهم بالخيانة. شعر مرة أخرى بالفارق الكبير بين الدارين، دار الشبلي ودار الديناري. هنا فناء واسع ولكنه موحش ولا زرع فيه، والإصطبل تفوح منه روائح أليمة. وتجري الأبراص بين عمد الأسقف البارزة. الشبلي نفسه لا ينعم جسده بالنظافة إلا حين انطلاقه إلى المقهى. أجل إنه - بخلاف الديناري - واضح، ولكنه وضوح الابتذال والتفاهة. والحق أنه رغم كل ما كان لم يحب الشبلي ولم يبغض الديناري. وقد مهد لمطلبه قائلا: لن أنسى فضلك ولا ما وجدته في دربك من أمن.
فقال المعلم ببرود: لعله يثمر معك.
فقال متصبرا على اللطمة: لن أنسى فضلك أبدا. - ماذا تريد؟ أراهن على أنك لم تحضر للسؤال عن صحتي! - صحتك دائما عين المراد، المسألة أننا لم نعد نطيق البقاء مع ما بلغنا عن انتقام الديناري من أهلنا.
অজানা পৃষ্ঠা