11
مضى شطا الحجري من فوره إلى مقابلة المعلم الشبلي في داره القديمة. صدمه الفارق الشاسع بين دار الديناري الباهرة وهذه الدار الهرمة، بين هيكل معلمه المترامي وجسم هذا الرجل النحيل الذي تأهل للفتونة بخفة النمر ودهاء الثعلب. قال شطا: جئتك مقدما الولاء وطالبا الحماية.
سر الفتوة للجوء أحد أتباع الديناري إليه، ولكنه قال: حدثني عما ألجأك إلي.
ولم يجد شطا بدا من الاعتراف الكامل بحكايته ليسوغ ما أقدم عليه من سلوك غريب. وضحك الشبلي طويلا وقال: معلمك يحيط نفسه بالغموض، في الظاهر استجلابا للاهتمام، وفي الحقيقة ليداري جنونه المؤكد.
فأحنى شطا رأسه ليخفي ضيقه ولاذ بالصمت، فقال الشبلي: لك الحماية والإقامة، ماذا تريد أيضا؟ - أن تقبلني في جماعتك.
فقال الفتوة بصراحة جارحة: أما هذا فلا، لا أمان لرجل خان معلمه!
أصابت الطعنة مقتلا، فقال بحرارة: أردت ألا أكون وغدا! - نحن نفضل الوغد المطيع على الشهم المتمرد. - لك ما تشاء وعلي الرضا بالمقدور. - ألك حرفة؟ - كنت نجارا قبل أن ألتحق بالجماعة. - مارس حرفتك واحذر أن تلعب بذيلك.
فقال بانكسار: إني أنشد السلامة يا معلم!
رجع شطا إلى وداد وقد خسر أشياء لا تعوض. ومن نقود الديناري المدخرة لديه تزوج واكترى حجرة وأثاثا بسيطا. استقر في مسكن وعمل كما استقر الحزن في أعماق نفسه. لقد اعتبر في الدرب آية على تفوق فتوة الدرب، ولكنه عومل كغريب. وأراد أن يهتك ستار الغربة فقال في المقهى: كان أحد أجدادي من الدرب الأحمر.
فسأله شيخ الحارة متحديا: أجئت من أجل ذلك؟
অজানা পৃষ্ঠা