শয়তান বানতাউর
شيطان بنتاءور: أو لبد لقمان وهدهد سليمان
জনগুলি
قالت: أنا المانحة المانعة، الواصلة القاطعة، أقبل لا شاملة ولا كاملة، وأدبر لا منذرة ولا معذرة؛ صفوي عند كدري، وكدري عند صفوي؛ أونس الملك فيشقى، وأمني السوقة فترضى، وآتي الآمن المطمئن من حيث لا يتقي، وأصيب اللاهي الناعم فيما يؤنسه في خاصة نفسه، لا ما يظهر للناس من أنسه؛ ألسنة الناس في سبي، وقلوبهم مملوءة من حبي، يغالط بعضهم في بعضا، وما أضمر أحدهم لي كراهة ولا بغضا، من زلت عنه استعاد، ومن اتسع مني استزاد، ولا حي إلا له في مراد؛ العاقل من أخذني أخذا، أو نبذني نبذا، ولم يقف في طلبي بين التقنع والجهاد؛ فمن أخذني فبالمراد الغزير، والجهاد الكثير؛ ومن نبذني فبالاعتقاد المستقر، والسلوان المستمر؛ لا يرغب مع الآخرة في ثمين، ولا يؤثر عليها المال والبنين؛ ومتى كان ذلك فله لا للمتنبي أن يقول:
كذا أنا يا دنيا إذا شئت فاذهبي
ويا نفس زيدي في كراهتها قدما
قال الهدهد: وكنت أصوب النظر في العجوز وأصعده، فأراها تلبس حالا عن حال، وتصير من غايات القبح إلى نهاية الجمال، ثم نهضت من السلاسل والأغلال، وتمثلت لي وللنسر غادة كالمثال؛ فلما رآها الأستاذ دق يدا على يد وقال: قضي الأمر، وقتل عمر، واستقبل العرب الدنيا واقتتلوا على الملك، وجاءتهم الفتنة من كل مكان. قالت: كذلك هم مذ الآن، ولا أزال حتى أجمعهم على سب بيت منه خرجوا، وفي ظله دبوا ودرجوا، وبه ظهر عزهم، وعليه بني ملكهم، ثم لا أزال حتى يحكم فيهم من يزري بالقرآن، ثم لا أزال حتى يغلبهم الهمل من العجم على أمرهم، ويسلبوهم ما بأيديهم؛ ثم لا أزال حتى يتفرقوا في البلاد، ثم لا أزال حتى يمسوا كأن لم يكونوا شيئا مذكورا، ويبقى قرآنهم ولسانهم خالدين على الأمد، منشورين إلى الأبد.
قال الهدهد: ثم انطلقت الدنيا من أسرها، وتركتنا نقضي العجب من أمرها، فالتفت النسر إلي وقال: لا خير في هذا الأمر بعد عمر، ولا مقام لنا في ملك هذا الذي يموت عن عبيد وإماء، وضياع وثراء، وأثاث وكساء، بعدما ظلم أبا الزهراء، وآثر على الخليفة الخلفاء، وأراق ما شاء من دماء، ثم ألقى المعذرة والدنيا مدبرة، وطلب المغفرة حال الغرغرة.
قلت: ومن تعني يا مولاي؟
قال: ابن العاص.
قلت: ذاك الذي أبلى بالأمس في الجهاد، وجلس للحكم بين الناس مجلس الزهاد؟
قال: كانت نفسه إلى الدنيا مغلولة إلى حين، ثم فكت بموت أمير المؤمنين.
وتثاءب النسر عند ذلك فخشيت أن تكون هذه النومة الكبرى، وأن لا أراه مرة أخرى، فسألته عن الملتقى؟ فقال: بمصر، بين الجزيرة والجسر. فسررت بالموعد، وبشرت نفسي بآصال مستعادة، أقضيها مع النسر في استقراء واستفادة.
অজানা পৃষ্ঠা