শাওকি: চল্লিশ বছরের বন্ধুত্ব
شوقي: صداقة أربعين سنة
জনগুলি
وها هي في يدي أقرؤها. فاستعذت بالله، وقلت له: الحمد لله الذي جعل هذه هي «الخرق» ولم يضر بالإسلام فتيلا. ا.ه.
أخذتني جدتي لأمي من المهد، وهي التي أرثيها في هذه المجموعة، وكانت منعمة موسرة، فكفلتني لوالدي، وكانت تحنو علي فوق حنوهما، وترى لي مخايل في البر مرجوة، حدثتني أنها دخلت بي على الخديوي إسماعيل وأنا في الثالثة من عمري، وكان بصري لا ينزل عن السماء من اختلال أعصابه ؛ فطلب الخديوي بدرة من الذهب ثم نثرها على البساط عند قدميه، فوقعت على الذهب أشتغل بجمعه واللعب به، فقال لجدتي: اصنعي معه مثل هذا، فإنه لا يلبث أن يعتاد النظر إلى الأرض. قالت: هذا دواء لا يخرج إلا من صيدليتك يا مولاي. قال: جيئي به إلي متى شئت، إني آخر من ينثر الذهب في مصر. ا.ه. ولا يزال هذا الارتجاج العصبي في الإبصار يعاودني وكان المرحوم الشيخ علي الليثي كلما التقت عينه بعيني ينشد هذا المصراع للمتنبي: «محاجر مسك ركبت فوق زئبق.» انتهى.
إلى آخر ما ذكره من صفحات حياته إلى السنة التي طبع فيها الجزء الأول من شوقياته، فتعرض له إبراهيم بك المويلحي الكاتب المشهور ونشر مقالة في المؤيد ليست محفوظة عندي، وإنما الذي أتذكره أن المويلحي هزأ بشوقي فيما ذكره عن ارتجاج عينيه، وفي قول الشيخ علي الليثي له: «محاجر مسك ركبت فوق زئبق.» وخطأه في ترجمته لنفسه زاعما أن مثل هذا غير مألوف عند المؤلفين، وأنه لم يعهد أن مؤلفا ترجم نفسه في مقدمة كتابه، وغير ذلك من المزاعم المستغرب صدورها من أديب كبير مثل إبراهيم بك المويلحي؛ فلم أستطع على ذلك صبرا، ورددت على المويلحي بمقالة في جريدة المؤيد هي أيضا غير محفوظة عندي، وقد بعثت إلى مصر أبحث عنها في مجموعة المؤيد بخزانة الكتب الملوكية، فأجابوني بأنهم بحثوا عنها فلم يعثروا عليها؛ ولذلك لا أقدر أن أروي منها طائلا يذكر لأن النثر لا يحفظ كما يحفظ الشعر. وقد وقع لي أن فقدت بعض قصائدي فأمليتها كلها عن ظهر قلبي، وأمليت من قصائد أخرى مفقودة أبياتا غير قليلة، ولكن لو فقدت مقالة من المقالات أو فصلا من الفصول لما تسنى لي أن أروي من ذلك سطرين متتابعين؛ فلهذا أكتفي بأن أقول إني رددت على المويلحي متعجبا من مكابرته فيما هو محسوس لا خلاف فيه؛ فإن كثيرا من فحول المؤلفين قد ترجموا أنفسهم في كتبهم ولسان الدين بن الخطيب أعظم كتاب الأندلس ومن أعظم كتاب العرب ، قد ترجم نفسه في كتابه «الإحاطة في أخبار غرناطة»، وكذلك الإمام السيوطي شيخ المؤلفين لا في العرب وحدهم بل في العالم كله،
1
وهو الذي صنف أربعمائة وستين كتابا قد ترجم نفسه أيضا في «حسن المحاضرة في أخبار مصر والقاهرة».
وعددت ذلك اليوم علماء آخرين ترجموا أنفسهم، فلم يجاوب المويلحي على ردي وقطع عن الكلام لعدم اتساع المجال للمماحكة، فكتب شوقي إلي على أثر هذه المناقشة كتابا يقول لي فيه: «دفعت اليازجي عني بيد هدمت كيانه وألغت بيانه، وتحامل علي المويلحي فرددت عني الرد الذي قطع حجته، فبعد أن كانوا يرمونه بالحسد والتحامل جعلوا يرمونه بالجهل والتطاول، فسبحان من جعلك جلادا لأعدائي وروبرتسا لحسادي ... إلخ.» يريد بروبرتس القائد الإنجليزي الذي دوخ الترانسفال، وكان العهد بحرب الترنسفال قريبا.
نموذج من رسائل شوقي
وأكثر كتب شوقي مفقود من عندي بكثرة أسفاري وضياع كثير من أوراقي، ثم هناك سبب آخر لصعوبة العثور على الأوراق التي أنشدها فلا أجدها، وهو أن ما عندي من الأوراق والطروس المكتوبة يملأ صناديق عديدة، بل الظروف التي تشتمل على تلك الأوراق تحصى عندي بالمئات لا بالعشرات، وهذا كله عدا المطبوع الذي منه صناديق أخرى مفعمة لزا، فإذا أردت أن أبحث عن مكتوب لزم لذلك أيام وليال وتعطيل أشغال، وبديهي أني لا أملك من الوقت ما أتفرغ فيه للبحث عن أوراق غائصة في تلك اللجج الخضر، ولا شك في أن مكاتيب شوقي هي بين هذه الأوراق ولكن لا تصل اليد إليها، وقد عثرت اتفاقا على كتاب منه في تاريخ 26 أكتوبر سنة 1907 يقول لي فيه ما يأتي:
أميري الحبيب الكريم
سلام الله العلي العظيم على ذلك الجناب الكريم وبعد، فإن أخي بيومي بك الذي يتقدم إليك برسالتي هذه هو رجل كله أدب وإن لم يكن من رجال الأدب، وقد عزم على أن يقيم ببيروت أياما معدودة، وأبى إلا أن أدله على علمها ومنارها والأثر الفخم الجليل من آثارها وهو أنت، وها قد دللته وإليك أرسلته، وأنا أغبطه بهذه الوفادة، وأحسده على تلك السعادة.
অজানা পৃষ্ঠা