فقطعت كلامه وقد سرها أن غيابها لم يؤخر العرب عن التقدم في الفتح، وأيقنت أنهم لم يلاقوا في طريقهم مقاومة كبيرة من أهل البلاد، فقالت: «فالإفرنج إذن يطلبون تورس فرارا من العرب؟»
قال: «لا يخلو الأمر مما ذكرت ولكنهم يطلبون تورس للدفاع وليس للفرار.»
قالت سالمة: «وبماذا يدافعون وعدوهم هناك أشد وطأة عليهم من العرب؟»
قال رودريك: «كان الأمر كذلك من قبل ولكنه أصبح الآن حليفا لهم.»
فقالت سالمة: «وكيف ذلك والمنافسة متمكنة بينهما؛ لأن كلا منهما يطلب السيادة على الآخر بعد أن رأيا انحلال الدولة المرونجية التي كانت تجمعهما تحت سيطرتها، وقد علمنا أن الفائز منهما ستكون له الدولة والملك على الدوقيات كلها، فزادت المنافسة بينهما حتى صار يتمنى كل منهما أن يفتك بالآخر.»
قال رودريك: «هذا هو الواقع فعلا، وهذا الانقسام هو الذي مكن المسلمين من فتح أكيتانيا حتى وصلوا إلى هنا، وإذا قطعوا نهر لوار أصبحت بلاد أوستراسيا في قبضتهم على أهون سبيل؛ لأن أساقفتها ناقمون على الدوق شارل نقمة شديدة وقد يحرضون الشعب على خلعه، فإذا جاءهم العرب وهم في تلك الحال ساعدوهم على الفتح.»
فلما سمعت سالمة ذلك خفق قلبها سرورا بما ترجوه من فوز العرب هناك، ولكنها لم تثق بصدق تلك الرواية فقالت: «وما هو سبب نقمة الأكليروس على شارل، وهو قائد عظيم؟»
قال: «السبب يا سيدتي أنه أخذ أموالهم واستولى على أملاك الأديرة ووزعها على جنده، وأهان بعض الأساقفة بالقصاص، وفضل بعض صغار الكهنة عليهم ولا يخفى عليك ما يؤدي إليه ذلك.»
فلما تحققت من غضب الأساقفة على شارل عادت إلى السؤال عما دعا إلى نصرة شارل لأود فقالت: «ولكنني لم أفهم كيف صار شارل حليفا للدوق أود فهل فعل شارل ذلك من تلقاء نفسه خوفا من الأساقفة؟»
فقال رودريك: «كلا يا سيدتي ولكن الدوق أود لما أيقن بعجزه عن دفع العرب عن بلاده، لم ير بدا من نصرة عدوه شارل.»
অজানা পৃষ্ঠা