শার্ল ও আব্দুর রহমান

জুর্জি জায়দান d. 1331 AH
129

শার্ল ও আব্দুর রহমান

شارل وعبد الرحمن

জনগুলি

فأثر منظرها في هانئ، فقال: «أطمئنك يا مريم إن والدتك في خير وأمان.»

قالت: «وأين هي؟»

قال: «هي في هذا الدير.» وأشار إلى دير القديس مرتين.

قالت: «ولماذا لم تأت إلى هنا، لعلها مريضة أو مسجونة أو ماذا؟»

فتظاهر عبد الرحمن عند ذلك بالبحث عن الكتاب حتى وجده فدفعه إليها وهو يقول: «هذا هو كتابها، وفي قراءته جواب كاف.»

فتناولته بلهفة، فلم تستطع رؤية الأحرف مما غشي عينيها من دموع البغتة والخوف والأمل والفرح معا، فمسحت عينيها بكمها وقرأت الكتاب حتى أتت على آخره، ولما وصلت إلى قولها: «وأوصيك بفلذة كبدي مريم.» صاحت: «أماه !» وقد خنقتها العبرات، ثم أعادت النظر إلى ما ذكرته عن ميمونة فبغتت وحسبت نفسها في حلم، ثم رفعت رأسها إلى عبد الرحمن وقد تحول حنانها النسائي إلى غضب وقالت: «قبح الله تلك الخائنة قد فهمت الآن سبب اختلائها بذلك البربري الأحول في مساء الأمس ولكنها ستذوق جزاء تلك الخيانة إن شاء الله.» ثم سألته عمن حمل ذلك الكتاب لكي تقابله وتستزيده من أخبار والدتها، فقص عليها هانئ ما كان من أمره وأنه مات ودفنوه، فأسفت عليه كثيرا حتى بكت، ولولا انشغال خاطرها بخيانة ميمونة والشوق إلى والدتها لندبته كثيرا؛ لأنه رباها منذ طفولتها، وكان ضنينا بها حريصا على راحتها وراحة والدتها، ولكنها كانت في قلق عظيم على والدتها، وأصبحت لا تصبر عن رؤيتها فنظرت إلى عبد الرحمن بعينين يغشاهما الدمع، وتوسلت إليه بصوت يمازجه ذلك السؤال قائلة: «ألا يسمح لي الأمير بالمسير إلى والدتي لأشاهدها وأقبل يدها ثم أعود؟»

فتأثر عبد الرحمن لسؤالها ولم يسعه إلا الإجابة فقال: «لا أمنعك من الذهاب إليها ولكنني أحب أن أحافظ على وصيتها، وقد رأيت أنها ختمت هذا الكتاب بك.»

فقالت: «لا بأس علي بإذن الله، والطريق سهل والمكان قريب وكأني أرى الدير من هنا.»

فقال هانئ: «لا نخاف عليك بأسا بعدما شاهدناه منك في مضيق دردون، ولكنني أرى أن أسير في ركابك حتى تبلغي باب الدير وأعود.» قال ذلك بنغمة التصميم القاطع، فاستحسن عبد الرحمن رأيه فقال: «إذا كان لا بد من الذهاب فانهضا الآن حتى تصلا قبل الغروب، هل يحتاج هانئ إلى أن أستحثه لسرعة الرجوع؟ أما مريم فلا بأس من بقائها هناك، بل إن الدير أكثر أمانا عليها.»

ففرح هانئ بتلك المهمة فنهض وأمر بفرس لمريم، فلبست ثوبها والتفت بعباءتها وركبت وركب هانئ والتف بعباءته وأصلح عمامته وساقا الجوادين سوقا حثيثا، وقطعا النهر الصغير على جسر مما نصبوه بالأمس، وسارا نحو الشمال الشرقي يلتمسان دير مرتين فبعد أن ركضا جواديهما برهة أمسكاهما ومشيا متحاذيين وقد حلت لهما تلك الخلوة فأراد هانئ مداعبة مريم، فقال لها: «أتعلمين ما وراء هذه الأبنية؟»

অজানা পৃষ্ঠা