واستدل على هذه الأمور الثلاثة بقوله تعالى: ?يا أيها الناس اتقوا ربكم? [النساء: 1]، وجعل التقوى عبارة عما ينبغي لكل واحد منهم كما فسره في المتن.
فإن قيل: هذا مخالف لمذهبه لأن استعمال التقوى في هذه المعاني إما أن يكون بطريق الحقيقة أو لا، فإن كان يلزم عموم المشترك، وإن لم يكن يلزم الجمع بين الحقيقة والمجاز.
أجيب: بأن هذا عمل بعموم المجاز، لأن التقوى عبارة عن اجتناب
الفواحش، ولا شك أن كل واحد من هذه المعاني اجتناب عن الفاحشة، فلا يكون مخالفا.
[الاستطاعة مع الفعل]
قال: (والثامن: نقر بأن الاستطاعة مع الفعل، لا قبل الفعل ولا بعد الفعل، لأنه لو كان قبل الفعل لكان العبد مستغنيا عن الله تعالى وقت الحاجة، وهذا خلاف حكم النص، لقوله تعالى: ?والله الغني وأنتم الفقراء? [محمد: 38]، ولو كان بعد الفعل لكان من المحال، لأنه حصول (1) بلا استطاعة ولا طاقة).
أقول: الاستطاعة والقدرة والقوة والطاقة (2) مترادفة إذا أضيفت إلى العباد، وهي نوع حدة تترتب على إرادة الفعل إرادة جازمة، مؤثرة في وجود الفعل، وهي عندنا مقارنة للفعل، لأنها لو لم تقارن فإما أن تقدمت أو تأخرت، والثاني باطل بالإجماع؛ لأنه يلزم منه حصول الفعل بلا استطاعة وطاقة، وهو محال. وكذا لو تقدمت لاستحالة وجودها عند الفعل لأنها عرض، وهو لا يبقى زمانين، وإذا لم تبق القدرة إلى زمان الفعل يلزم وقوعه بلا قدرة، وهو محال، كالأخذ بلا يد، ولكان مستغنيا عن الله وقت الحاجة، وهو خلاف النص، لأن مقتضاه الافتقار إلى الله تعالى لقوله تعالى: ?والله الغني وأنتم الفقراء? [محمد: 38].
পৃষ্ঠা ১০০