كونه عطف بيان عليه، فإن إضافة اسم التفضيل إلى المعرفة معنوية، خلافا لأبي البقاء العكبري حيث ذهب إلى أنها لفظية، "نبيه وخليله وصفيه": نعوت لمحمد. والخليل: الذي خلصت محبته، والصفي: المختار. "وعلى آله وأصحابه وأحزابه وأحبابه": معطوف على "أشرف"، وأعاد الجار مع آله لطول الفصل. والأصحاب: جمع صاحب، خلاف للجوهري. ونظيره: شاهد وأشهاد. وفي التنزيل: ﴿وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ﴾ [غافر: ٥١]، قال بعض أهل التفسير: جمع شاهد. والأحزاب: جمع حزب، وحزب الرجل: جنده وأصحابه. وقال الراغب١: "الحزب جماعة فيها غلظة"، ويطلق على الأنصار. وكلا المعنيين جائز هنا. أما الثاني فظاهر، وأما الأول فلقوله تعالى: ﴿وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً﴾ [التوبة: ١٢٣] وقوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ﴾ [الفتح: ٢٩] . والأحباب: جمع حبيب. وبين الأحزاب والأحباب نوع من الجناس اللاحق٢.
"فإن كتاب الخلاصة": جواب "أما" ولذلك قرن بالفاء، وصح ذلك على ضرب من المجاز٣. وذلك لأن جواب الشرط مستقبل، وكون الخلاصة بالصفات المذكورة ليس مستقبلا فيدعي أن الجواب محذوف، والمذكور معموله أقيم مقامه عند حذفه، والتقدير: فإني قائل لك إن كتاب الخلاصة كذا وكذا إلخ. وإضافة كتاب إلى الخلاصة من قبيل إضافة الأعم إلى الأخص، كشجر أراك، أو من قبيل إضافة المسمى إلى اسمه، أي: الكتاب المخصوص بهذا الاسم، كما في قوله: سرنا ذات مرة، أي: مرة مختصة بهذا الاسم "الألفية": بالنصب بدل من كتاب، وبالجر بدل من خلاصة، منسوبة إلى ألف، بناء على أشهر القولين أن البيت اسم للصدر والعجز عند العروضيين. وقيل: كل منهما بيت على حدة "في علم العربية" حال من "كتاب"، والمراد بعلم العربية هنا علم النحو المشتمل على علم التصريف، وله حد وموضوع وغاية وفائدة. فحده علم بأصول يعرف
_________
١ في كتابه مفردات ألفاظ القرآن ص٢٣١ "حزب"، وفيه "غلظ" مكان "غلظة".
٢ الجناس اللاحق: هو المختلف من أنواع الحروف، ويشترط فيه أن لا يقع الاختلاف في أكثر من حرف ثم إن كان الحرفان المختلفان متقاربين في المخرج كان الجناس مضارعا كـ"ينهون" و"ينأون"، وإن لم يكونا متقاربين فيه كان لاحقا، ومن المضارع: الخيل معقود بنواصيها الخير. "حاشية يس ١/ ١٥".
٣ أي: مجاز الحذف، وبهذا المجاز يتوصل إلى دفع إشكال آخر؛ وهو أن مضمون الجزاء هنا وهو كون كتاب الخلاصة بالأوصاف الآتية ثابت؛ حمد أو لم يحمد، فما المراد بكونه بعد الحمد؟ الجواب: أن الذي جعل بعد الحمد القول والأخبار والأعلام والقيود قد تتعلق بذلك، كما نص ابن الحاجب. "حاشية يس ١/ ١٥".
1 / 11