وهذا منتهى القول في المؤكد بالنون بالنسبة إلى بنائه وإعرابه دون تعرض إلى ما سوى ذلك من أسباب توكيده بها.
وسائر أسباب بنائه ما ذهب إليه سيبويه من أنه مبني حملا على الماضي المتصل بها، لأن أصل كل واحد منهما البناء على السكون، فأخرج عنه المضارع إلى الإعراب للمناسبة المتقدم ذكرها، وأخرج عنه الماضي إلى الفتح تفضيلا على الأمر لشبهه بالمضارع لوقوعه صفة وصلة وحالا وشرطا ومسندا بعد كان وإن وظن وأخواتها، بخلاف الأمر، فاشتركا في العود إلى الأصل بالنون، كما اشتركا في الخروج عنه بالمناسبتين المذكورتين.
وقيل إنما بني المتصل بنون الإناث لتركيبه معها، لأن الفعل والفاعل كالشيء الواحد معنى وحكمًا، فإذا انضم إلى ذلك أن يكون مستحقًّا للاتصال لكونه على حرف واحد تأكد امتزاجه وجعله مع ما اتصل به شيئًا واحدًا. فمقتضى هذا أن يبنى المتصل بألف الضمير أو واوه أو يائه، لكن منع من ذلك شبهه بالاسم المثنى والمجموع على حده، كما منع من بناء "أي" مع ما فيها من تضمن معنى الحرف شبهها ببعض وكل معنى واستعمالا.
وقيل إنما بني المتصل بنون الإناث لنقصان شبهه بالاسم لأنها لا تلحق الأسماء، وما لحقته من الأفعال إن باين الاسم ازدادت بها مباينته، وإن شابهه نقصت بها مشابهته.
ص: ويَمْنَعُ إعرابَ الاسم مُشابهةُ الحرفِ بلا مُعارِض، والسَّلامةُ منها تَمَكُّن، وأنواعُ الإعراب رفعٌ ونصب وجر وجزم.
ش: الحرف أمكن في عدم الإعراب من الفعل، لأن من الأفعال ما يعرب وليس من الحروف ما يعرب. وما لا يعرب من الأفعال شبيه بما يعرب: أما الماضي فلمشاركته المضارع في وقوعه مواقعه المذكورة، وفي كونهما مخرجين على الأصل،
1 / 37