خبرا معنى زائد على ذلك مطلوب بقاؤه، إذ لا يمتاز أحد النوعين من الآخر إلا به، والاستقبال لازم للأمرية، فلو انتفى بتبدله انتفت الأمرية، بخلاف الخبرية المستفادة من الماضي والمضارع فإنها لا تنتفي بتبديل المضي باستقبال، والاستقبال بمضي، وكون المضارع مستقبلا جَليٌّ، بخلاف كونه حالا فإن فيه إشكالا، لأن كثيرا من الناس يعتقدون أن الحال هو المقارن وجود معناه لوجود لفظه، وليس كذلك، لأن مدة وجود اللفظ لا تتسع لوجود معنى الفعل، ولاشترط ذلك في المضارع المراد به الحال، بل جوز في كل فعل طالت مدته أو قصرت.
وأيضا فإن المخبر الفعل الماضي يتقدم شعوره بمضيه على التعبير عنه، والمخبر بالمستقبل يتقدم شعوره باستقباله على التعبير عنه، فكذا المخبر بالحال لا بد من تقدم شعوره بحاليته على التعبير عنه، وذلك موجب لعدم المقارنة المتوهمة، بل مقصود النحويين أن الحال ما قارن وجود لفظه لوجود جزء من معناه، كقولنا: هذا زيد يكتب، فيكتب هنا مضارع بمعنى الحال، ووجود لفظه مقارن لوجود بعض الكتابة لا جميعها، وعبر بالحال عن اللفظ الدال على الجميع لاتصال أجزاء الكتابة بعضها ببعض، لأن أجزاءه المستقبلة مَدَّة لجزئه المقارن، ولما كان بعض مدلول المضارع المسمى حالا مستأنفة الوجود أشبه المستقبل المحض في استئناف الوجود، فاشتركا في صيغة المضارع اشتراكا وضعيا لأن إطلاقه على كل واحد منهما لا يتوقف على مسوغ من خارج، بخلاف إطلاق المضارع مرادا به المُضيّ، وإطلاق الماضي مرادا به الاستقبال، فإن ذلك يتوقف على مسوِّغ من خارج نحو: لو تقوم أمس لقمت، وإن قمت غدا قمت، فلولا "لو" و"إن" ما ساغ إعمال تقوم في أمس، ولا قمت في "غدا".
وإذا نفى المضارع بلا لم يتعين الحكم باستقباله بل صلاحية الحال باقية، رُوي ذلك عن الأخفش نصا، وهو لازم لسيبويه وغيره من القدماء لاجتماعهم على صحة
1 / 18