قوله: "مقصورات" أي محبوسات جعل خيام الاستتار مضروبة على المتشابه محيطة به بحيث لا يرجى بدوه وظهوره أصلا على ما هو المذهب من أن المتشابه لا يعلم تأويله إلا الله وفائدة إنزاله ابتلاء الراسخين في العلم بمنعهم عن التفكير فيه والوصول إلى ما هو غاية متمناهم من العلم بأسراره فكما أن الجهال مبتلون بتحصيل ما هو غير مطلوب عندهم من العلم والإمعان في لابتلاء الراسخين في العلم بكبح عنان ذهنهم عن التفكر فيها، والوصول إلى ما يشتاقون إليه من العلم بالأسرار التي أودعها فيها ولم يظهر أحدا من خلقه عليها "والنصوص منصة عرائس أبكار أفكار المتفكرين" منصة العروس مكان يرفع العروس عليه للجلوة "وكشف القناع عن جمال مجملات كتابة بسنة نبيه المصطفى وفصل خطابه" أي الخطاب الفاصل بين الحق
...................................................................... ..........................
الطلب كذلك العلماء مبتلون بالوقف وترك ما هو محبوب عندهم، إذ ابتلاء كل أحد إنما يكون بما هو على خلاف هواه وعكس متمناه.
قوله: "بكبح عنان ذهنهم" تقول كبحت الدابة إذا جذبتها إليك باللجام لكي تقف ولا تجري.
قوله: "أودعها فيها" أي أودع الله الأسرار في المتشابهات والإيداع متعد إلى مفعولين تقول أودعته مالا إذا دفعته إليه ليكون وديعة عنده، وإنما عداه بفي تسامحا أو تضمينا بمعنى الإدراج والوضع.
قوله: "منصة" بفتح الميم المكان الذي يرفع عليه العروس للجلوة من نصصت الشيء رفعته والعروس نعت يستوي فيه الرجل والمرأة ما داما في إعراسهما يجمع المؤنث على عرائس والمذكر على عرس بضمتين، وفي هذا الكلام نوع حزازة؛ لأن المعاني التي أظهرت بالنصوص وجليت بها على الناظرين هي مفهوماتها والأحكام المستفادة منها وهي ليست نتائج أفكار المتفكرين، بل أحكام الملك الحق المبين فكأنه أراد أن المجتهدين يتأملون في النصوص فيطلعون على معان ودقائق ويستخرجون أحكاما وحقائق وهي نتائج أفكارهم الظاهرة على النصوص بمنزلة العروس على المنصة.
قوله: "وفصل خطابه" أي خطابه الفاصل المميز بين الحق والباطل أو خطابه المفصول الذي يتبينه من يخاطب به ولا يلتبس عليه على أن الفصل مصدر بمعنى الفاعل أو المفعول، وهذا من عطف الخاص على العام تنبيها على عظم أمره وفخامة قدره، إذ السنة ضربان قول وفعل والقول هو الموضوع لبيان الشرائع المبني عليه أكثر الأحكام المتفق على حجيته بين الأنام.
قوله: "ما رفع" أي ما دام رايات مراسم الدين مرفوعة عالية بإجماع المجتهدين الباذلين وسعهم في إعلاء كلمة الله وإحياء مراسم الدين فإن الحكم المجمع عليه مرفوع لا يوضع ومنصوب لا يخفض.
পৃষ্ঠা ১২