((ولا صدقة من غلول)) الأصل في الغلول أنه الأخذ من الغنيمة قبل قسمتها، لكن يراد به ما هو أعم من ذلك، وأن جميع ما يؤخذ على غير وجهه، ومن غير حله، ومن غير بابه الشرعي فإنه غلول، وابن عمر لما ساق الخبر، يقصد هذه الجملة ويرد أن يعظ ابن عامر بهذه الجملة، وأن يتوب وأن يتخلص مما أخذه من غير وجهه "قال هناد في حديثه: ((إلا بطهور)) " بدلا من قول .. ، بدل من قول قتيبة، يعني هناد في روايته: ((إلا بطهور)) وقتيبة في روايته: ((بغير طهور)) وهل هناك فرق بين الاستثناء ب (إلا) والاستثناء بغير؟ لا فرق بينهما، لكن التنصيص على مثل هذا مما يدل على دقة أهل الحديث، وأنهم يذكرون فروقا لا أثر لها في الحكم إلا أنه من باب الأمانة، لفظ هذا الراوي يختلف عن ذاك، والرواية بالمعنى جائزة عند أهل العلم، ولو اقتصر على رواية قتيبة ولم يشر إلى رواية هناد ما لحقه تبعة؛ لأن الرواية بالمعنى جائزة، وإذا رواه بلفظ قتيبة دخل فيه من حيث المعنى لفظ هناد، والإمام مسلم يعنى بهذا أشد العناية، ببيان اختلاف الرواة، ولو في حرف غير مؤثر، بينما الإمام البخاري لا يعنى بذلك كثيرا، ومن هنا رجح بعضهم صحيح مسلم من هذه الحيثية على صحيح البخاري؛ لأنه يعتني بألفاظ الرواة، يوجه بعض من يقوم على تحفيظ السنة إلى العناية بصحيح مسلم وحفظ ألفاظه، ثم ذكر زوائد البخاري، ثم بعد ذلك زوائد مسلم، يعنى بالمتفق عليه من خلال لفظ مسلم، ثم زوائد البخاري ثم زوائد مسلم، وأقول: إنه لا بد من العناية بالبخاري قبل مسلم، وكون الإمام مسلم يعنى بهذه الألفاظ اختلاف ألفاظ الشيوخ لا يعني أن الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- يمكن أن ينتقد من هذه الحيثية، الإمام مسلم يوافق الجمهور في جواز الرواية بالمعنى، وجواز الرواية بالمعنى شامل للصحابة فمن دونهم، وإذا كان هناد نص على أن الرواية: ((إلا بطهور)) فمن الذي يضمن أن وكيعا وهناد يروي عنه ما سمع الحديث بلفظ: ((بغير طهور)) ثم رواه بالمعنى؟ يعني كون الإمام مسلم يعنى بألفاظ الرواة الذين يجيزون الرواية بالمعنى، ما في شك أن هذا دقة وتحري للإمام مسلم، لكن هل نضمن أن دقة الإمام مسلم تؤدينا إلى الجزم بيقين أن هذا هو اللفظ
পৃষ্ঠা ১২