ز- نشأته وحياته العلمية:
إن الفترة الأولى من فترات حياة ركن الدين يكتنفها غموض تام، بل هي مجهولة تمامًا، إذ إن كتب التراجم لم تذكر شيئًا عن مولده أو نشأته الأولى، أو حياته حتى سنة "٦٦٧هـ" وهي السنة التي رحل فيها إلى مراغة بأذربيجان، ويبدو أنه بدأ حياته بدراسة القرآن الكريم وعلوم اللغة العربية بأستراباذ وبعد أن حَصَّل كل ما يمكن تحصيله في موطنه، تاقت نفسه إلى المزيد من العلم فرحل إلى مراغة سنة ٦٦٧هـ، حيث كانت مراغة آنذاك مركزًا هاما من مراكز العلم والثقافة خاصة بعد سقوط بغداد. وفي مراغة التقى بالعلامة نصير الدين الطوسي وعمل تحت لوائه وتتلمذ عليه وصار من أكبر تلاميذه حتى عينه الطوسي معيدًا في حلقته، وذلك بعد أن حصل منه علومًا كثيرة١ يقول ابن رافع في "ذيل تاريخ بغداد": "قدم مراغة، واشتغل على مولانا نصير الدين وكان يتوقد ذكاء وفطنة، وكان المولى قطب الدين حينئذ في ممالك الروم، فقدمه النصير، وسار رئيس الأصحاب بمراغة، وكان يجيد دروس الحكمة"٢.
وقد كان نصير الدين الطوسي هذا من أبرز علماء المسلمين في عصره في بلاد خوارزم شاه، وطارت شهرته في الآفاق، وكانت شهرته في جميع العلوم، وخاصة في الهيئة والفلك والنجوم والأرصاد، وكانت شهرته في علم النجوم والرصد قد بلغت مسامع
_________
١ ينظر: النجوم الزاهرة: ٩/ ٢٣١.
٢ نقلًا عن بغية الوعاة: ١/ ٥٢١. وقد اعتمدنا على النقل لعدم تمكننا من الحصول على كتاب ذيل تاريخ بغداد.
1 / 42