شرح صحيح ابن خزيمة - الراجحي
شرح صحيح ابن خزيمة - الراجحي
জনগুলি
اجتهاد أبي هريرة في تطويل التحجيل
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب استحباب تطويل التحجيل بغسل العضدين في الوضوء إذ الحلية تبلغ مواضع الوضوء يوم القيامة بحكم النبي المصطفى ﷺ].
والحلية بالذهب في الدنيا ممنوعة على الرجل، أما في الآخرة فإن المؤمن يتحلى بالذهب في يديه، وتبلغ الحلية حيث يبلغ الوضوء، أي: تصل إلى ما وصل إليه الوضوء.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا إبراهيم بن يوسف الصيرفي الكوفي حدثنا ابن إدريس عن أبي مالك الأشجعي عن أبي حازم قال: (رأيت أبا هريرة ﵁ عنه يتوضأ، فجعل يبلغ بالوضوء قريبًا من إبطه، فقلت له، فقال: إني سمعت رسول الله ﷺ يقول: إن الحلية تبلغ مواضع الطهور).
].
الصواب أن هذا اجتهاد من أبي هريرة، وأنه لا يشرع أن يصل الوضوء إلى العضد، وإنما يتجاوز المرفق كما فعل النبي ﷺ، فقد كان يتوضأ حتى يشرع في العضد، وكذلك إذا غسل رجليه جاوز الكعبين وشرع في الساق، وأما أبو هريرة فقد كان هذا اجتهادًا منه، فكان يبالغ إذا غسل مرفقيه حتى يكاد يبلغ الإبط، وذلك حتى يحلى إلى حيث يبلغ الوضوء، وكان أيضًا إذا غسل رجليه شرع في الساق حتى يكاد يبلغ الركبة، وهذا اجتهاد منه، والصواب ألا يزيد على ما ورد في النص، وإنما يقتصر على أن يشرع في الساق ويشرع في العضد، كما فعل النبي ﷺ.
وابن خزيمة ﵀ يميل إلى ما ذهب إليه أبو هريرة من استحباب تطويل التحجيل ولهذا قال في الترجمة: باب استحباب تطويل التحجيل بغسل العضدين في الوضوء.
وقد ذكر ابن القيم ﵀ في النونية وضوء أبي هريرة، ورجح أنه غير مشروع ولا مشهور، وأن هذا اجتهاد منه ﵁.
فالسنة مقدمة على اجتهاد أبي هريرة ﵁، إذ إن الرسول لم يغسل العضدين ولا الساقين، وإنما جاء في الأحاديث الصحيحة أنه إذا غسل يديه أدار الماء على مرفقيه حتى يشرع في العضد، لا أنه غسل العضدين، وإذا غسل رجليه شرع في الساق ولم يصل إلى الركبة.
وأما قول أبي هريرة: (من استطاع أن يطيل غرته وتحجيله فليفعل)، ليس فيه إطالة الغرة؛ لأن الغرة بياض في الجبهة محدود، والوجه محدود بالشعر فلا يستطيع أن يطيل الغرة، إنما يطيل التحجيل في اليدين والرجلين، لكن الغرة إطالتها محدودة.
1 / 11