ثم نبه تعالى في أمر إختلاف النبات من الجمادات بقوله: {فلينظر الإنسان إلى طعامه(24)أنا صببنا الماء صبا(25)ثم شققنا الأرض شقا(26)فأنبتنا فيها حبا (27)وعنبا وقضبا (28)وزيتونا ونخلا(29)وحدائق غلبا(30)وفاكهة وأبا(31) متاعا لكم ولأنعامكم (32)} [عبس]، فعم بالذكر سبحانه متاعنا ومتاع أنعامنا في هذه الألفاظ([21]) القليلة، الحلوة الجليلة، لأنه عم بقوله: {حبا} جميع أنواع الحبوب، وبقوله: {وحدائق غلبا} جميع أنواع الأشجار المثمرة، وبقوله:{ وفاكهة} جميع الفواكه، لأنه نكر([22]) واحد الجنس فاقتضى العموم، وكذلك (الأب) عم جميع متاع البهائم من الكلا والخلا، وخص (الزيتون والنخل والعنب) مما يختص بالآدميين لجلالة قدره، كما أعاد ذكرجبريل وميكائيل عقيب ذكر الملائكة؛ وإن كانا منهم لجلالة قدرهما، وذلك ظاهر في قوله سبحانه: {من كان عدوا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال}[البقرة:98]، وكذلك إعادته لذكر (القضب) مع أنه يعود في أصل اللغة إلى الأب لعظم حاله في نفع البهائم، وعجائب الكتاب الكريم وغرائبه لا تنقضي، فالحمد لله الذي جعلنا من ذرية نبيئه -صلى الله عليه وآله وسلم-، وورثة كتابه، وهدانا إلى معرفة علل الحكم وأسبابه، حمدا كثيرا.
পৃষ্ঠা ৬০