وكلاهما من عند الله -عز وجل- {وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحى} [(3 - 4) سورة النجم] فخشية منه -عليه الصلاة والسلام- أن يختلط كلامه بكلام الله نهى عن كتابة غير القرآن، فحمل أهل العلم هذا النهي على هذه الصورة، أو خشية منه -عليه الصلاة والسلام- أن يعتمد الناس على الكتابة ويهملوا الحفظ، ثم بعد ذلكم احتيج إلى الكتابة فأذن بها ((اكتبوا لأبي شاه)) يقول أبو هريرة: "ما كان من أحد من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أكثر مني رواية، وأكثر مني حديثا إلا ما كان من عبد الله بن عمرو فإنه كان يكتب ولا أكتب"، وبعد ذلك المنع حصل الإجماع على جواز الكتابة، بل على استحباب تدوين العلم.
ومن أهم ما يدون ما يعتمد عليه في إثبات تصرفات المسلم على مراد الله، وعلى مراد رسوله -عليه الصلاة والسلام-.
كتب الصحابة، كتبوا السنن من عهده -عليه الصلاة والسلام-، واستمرت الكتابة كتابة فردية، ثم لما تولى عمر بن عبد العزيز الخلافة -رحمة الله عليه- أمر الإمام محمد بن شهاب الزهري بالتدوين الرسمي، فعمر بن عبد العزيز خشي من ضياع السنة لضعف الحافظة لدى الناس، ومعلوم أن العرب كانوا يتميزون بالحفظ ثم لما اختلطوا بغيرهم أخذت هذه الملكة والغريزة تضعف شيئا فشيئا، في العادة أن من يعتمد على شيء يعتني به، لما كان عمدتهم الحفظ كانوا يعتنون به، ثم لما توسعوا في أمر الكتابة، ضعفت الحوافظ لدى الناس، وهذا شيء مشاهد، الشيء الذي تعتني به وتودعه حفظك في الغالب أنك تحفظه، أما إن كنت بمجرد سماعه تخرج القلم وتكتب فإن هذا لا يثبت في الحفظ، وإن ثبت في الورق.
ثم تتابع الناس بعد ذلك على الاعتماد على المكتوب، اعتمدوا عليه اعتمادا كليا، فدونت الأحاديث، ودونت العلوم كلها، بداية من منتصف القرن الثاني يعني بعد أمر عمر بن عبد العزيز لابن شهاب الزهري تتابع الناس في الكتابة حتى وجدت المصنفات من الموطئات والمسانيد والمصنفات، المصنفات نوع من أنواع التأليف في السنة، ثم بعد ذلكم دونت الجوامع من الصحاح والسنن والمعاجم وغيرها، بهذه الطريقة وجدت كتب السنة، لكن ماذا عن كتب علوم الحديث؟
পৃষ্ঠা ২